عاش المواطن عبد الله عبيبو حياة مليئة بالتحديات عبر سلسلة من الأحداث المريرة في مقاومة ويلات الاستعمار، وقد عرف خلالها بثبات كبير على المبدأ، وصبر وفير على المواجهة.
مرت السنوات ببطء شديد ، وجاءت تباشير الخلاص ، ودقت طبول الحرية، وآن لعبد الله أن يرتاح، ويلتفت لأهله وأرضه، ويمنحهما كل وقته واهتمامه.. كان يملك أرضا فلاحية خصبة بضواحي مدينة المنزل، على مشارف عين سبو، فعمل على استصلاحها، وقام بغرسها بأشجار الزيتون، وأمله في الغد المشرق لاحدود له..
وتمضي الأيام بعد ذلك، ويعود المقاوم القديم لزيارة مشروعه الجديد، غير أنه يفاجأ بواقع لم يكن يتوقعه حتى في أسوإ كوابيسه..وبمرارة لا توصف جلس ينظر إلى الدمارالشامل الذي لحق بمزرعته في غيابه بعد أن عجزت قدماه عن حمله: لقد عمل بعضهم على اجتثات الأشجار ، وهدم منزله القديم وحرق أخشابه.. أخذ يعاين حجم الأضرار وهو يرتجف من هول الفعل الشنيع الذي قضى على أحلامه في لحظات، وقد علم أن يد العابثين إنما طالت مزرعته بالخراب حتى يتسنى لها الرعي في هذا المجال الرحب..
سجل الحادث ضد مجهول لغياب الشهود، ولم يتبق لعبد الله إلا أرضا جرداء، وحسرة تتقد في الأحشاء.. غير أن الأمل في قلب هذا الرجل الصبور لم ينطفئ تماما، والمقاوم القديم لم يكن ليسلم بالهزيمة من أول معركة خاسرة، فعاد بعد سنوات وقام بغرس أرضه بما يزيد عن 400 شجرة زيتون… وعمل على الاعتناء بها لفترة غير وجيزة حتى يضمن نموها بشكل جيد، وتمضي أيام على ذلك، ويعود الرجل المثابر في أحد الأيام المشمسة بسنة2012 لمعاينة حلمه على أرض الواقع. فتصعقه المفاجأة مجددا، ويهوله مشهد الدمار مرة أخرى، وقد اختفت أشجار الزيتون من أرض الواقع. ولم يعد يرى إلا قطيعا من ا لأغنام يستعمر المكان في ظل المخطط الأخضر الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله…
اليوم يقف الشيخ عبد الله مع نفسه وقفة تأمل وقد أحس أن المعركة أكبر منه هذه المرة.. فهي تختلف عن كل المعارك التي خاضها من قبل، أحس أنه يحتاج إلى حليف لينتصر، فراح يطرق باب السلطات المحلية عل طرقه هذا يجد صدى لديها فترد له حقه الضائع ، وهو كله أمل في رفع الحيف عنه، وجعل معركته ضد التخريب ناجحة لأول مرة…
