صفرو

صفروبريس : الدكتور عبد الفتاح الإدريسي البوزيدي يفتح " نافذة ونعترض " بموضوع ( حق المرأة في الإرث بين العدل والمساواة)

       المرأة نصف المجتمع ، بل هي المجتمع برمته ، فلا يمكن تصور مجتمع بدون نساء ، كما لا يمكن تصور مجتمع بدون رجال ، فالنساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال . هذه مسلمة نتفق حولها اتفاقا مطلقا ، لكننا نعترض على الذين يوظفون المرأة (رجالا كانوا أم نساء ) توظيفا مغرضا لأهداف سياسية أو إيديولوجية ضيقة ، كل مرة يختلقون قضية يملأون به صفحات الجرائد ويشغلون بها الناس ، ويغازلون بها النساء متملقين تارة ،ومجذوبين بعاطفتها تارة أخرى ،لكن هذه المرة وصل الأمر إلى النبش في مسألة دينية محضة (مسألة المساواة في الإرث ). والغريب أنهم يتناولونها من منظور اجتماعي  حقوقي ضيق ، وباستعمال مصطلحات غريبة عن الحقل الذي أنبتت فيه ، مما يخلق انزياحا خطيرا عن الأبعاد الحقيقية الأصلية للمسألة.

 يجدر الإشارة في البدء إلى أن الإرث عطاء إلهي جم ،لا يخطر على بال ، والعطاء المادي عطاء نفسي وروحي. ومن جملة هذا العطاء الإيحاء بأن الإرث يجب أن يساعد على الترقي في الأمان .والحصول على النصيب المادي يعني أيضا أن المرء لا يشغله شيئ عن التأمل الروحي ، وقد بني الإسلام على التعاقد بين الجانبين ، والروحي قد يكون له مظهر مادي. نحن لا نعلم كنه شيء عن غايات ومرامي الإرث ،ولكننا يجب أن نعلم ارتباط الإرث بالرضى والحمد والعدل .

لماذا إذن يتم ربط الإرث بالمساواة بين الجنسين ؟ أليست المساواة مصطلحا نشازا  في علاقته  بمنظومة الإرث في الإسلام؟ كل قارئ لبيب متخصص للنصوص القرآنية يتوصل بدقة موضوعية أن الله عز وجل لم يستعمل كلمة المساواة على الإطلاق ، بل وظف كلمة أخرى اكثر دقة وتعبيراوهي العدل .الساواة الموظفة عند هؤلاء مستوردة من وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وهي صالحة للحديث عما هو ظاهر مادي ملموس ، ولا تستطيع ملامسة ما هو روحي باطني، وشتان ما بين المصطلحين . قد يقول قائل : لا مشاحة في الاصطلاح ،لكننا نعقب بالقول إذا كان المصطلحان يؤديان نفس المعنى ، فللمساواة والعدل معنيان مختلفان ، فالمساواة بين الجنسين في الإرث ظلم ، والعدل بينهما حق وفضيلة . العدل مرتبط بالتأويل الروحي الذي يقوم على البصيرة ونمو الوعي، وزوال كل ما يفسد العقل والرؤية.

ولتوضيح الرؤية نجيب عن السؤال الآتي : هل الأب مطالب بأن يتعامل مع أبنائه بالعدل أم بالمساواة ؟ نفترض أن أبا له ولدان ، بنت تدرس بالجامعة وأخوها بالقسم السادس ابتدائي ،المساواة تقتضي أن يعطي الأب لابنته مصروفا شهريا يساوي مصروف أخيها ،بينها العدل يقتضي أن يراعي الأب متطلبات ابنيه ويعطي لكل واحد حسب احتياجاته ومتطلباته. وكذلك الأستاذ الذي يساوي بين طلابه معناه أن يعمم نقطة واحدة عليهم ،فيمنح المجتهد  والمتهاون نقطة واحدة ، وفي هذا ظلم وتجن على كلا الطرفين ، لكن العدل يقتضي من الأستاذ أن يعطي لكل ذي حق حقه وكل واحد حسب عمله واستعداده.

  الدعوة إلى المساواة في الإرث حق يخفي وراءه باطلا .فالأفكار تشق طريقها ،لكن الطريق لا تسير دائما نحو الشاطئ المنشود ،ولذلك فمن صالحنا وخير أمتنا أن نسبق الحوادث ،وأن نوجه سير المرأة المسلمة في الناحية التي تقتضيها الحكمة ، ويفرضها العدل ، وتؤدي إلى الحرية بعيدا عن المزايدات التي لا تزيد وضع المرأة إلا تعقيداونفورا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا