
عندما وقفت أمامها داهمني شعور غريب صيرني هائما في جمال العيون , وقد نفذ مني الصبر؛ فصرت أجر خطواتي كالظمآن يلتمس رواء , على زخات المطر وبين الأشجار العالية شرد ذهني , وعلى هذا السهل الأخضر الذي تزينه الورود ذات الألوان الزاهية وكأنها لوحة فنان تلاعب بالألوان ليبدع منظرا في غاية الجمال , تكسرت صخور آلامي لتفرغ المكان لأحلامي وآمالي …
يجري بين العيون الثلاثة نهر كتب تاريخ الأمة اليازغية بسيول من ذهب أزرق , يخط سيله على الهضبة ومع شروق الشمس ليصبح كعقد من اللؤلؤ الأبيض البراق يشع نورا … و يقفز هذا العصفور بين خلجاته ليرتوي منه و يلعب بقطرات الندى التي تتدلى من شجيرات على جوانبه فيصبح المنظر أروع و أروع ….
كم تمنيت أن أكون ذلك العصفور المغرد على الشجيرات اليانعة الأوراق , التي ترخي بظلالها على بساط الرياحين , حيث تهب نسماتها على المروج الخضراء التي تنبعث منها ريح طيبة فواحة ؛ و عبير يأسر القلوب قبل الأنوف . تراءى لي من بعيد ذلك الجبل الشامخ , مرتديا عمامة بيضاء تداعبها الغيوم تارة و الأمطار تارة أخرى , تحيطني من كل جهة في منظر ليس له مثيل , إنها روعة العيون…العيون الثلاثة: عين سبو , عين تمدرين , عين وامندر؛ هذه الهبة التي تفضل الخالق المبدع بها على جماعة اولاد مكودو كإحدى أجمل المواقع السياحية الطبيعية الخلابة المتميزة بمنابعها المائية الساحرة المعدنية العذبة , المتدفقة مشكلة صورة طبيعية تسر الناظرين .
بقدر ما انفرجت أساريري طربا بمنظر العيون , عاد احساس الانكسار والأسف الشديد يراودني من جديد , فالعيون الفياضة لا زالت منغلقة ومنطوية على ذاتها , لم تجد من يخرجها من خدرها لتلامس عالم الأضواء ؛لم تجد من يخرجها من عزلتها الطويلة لتنفتح على الآخر الذي لا يعلم بوجودها , وحتى إذا سمع بها فإنه يجهل مكانها .
فإلى متى ستظل العيون الثلاثة ،جواهر مفقودة؟