المعارضة البرلمانية تُلوّح مجددًا بملتمس رقابة: اختبار دستوري جديد لحكومة أخنوش

بعد عام من النقاشات الأولية حول تفعيل ملتمس رقابة ضد حكومة عزيز أخنوش، عادت المعارضة البرلمانية المغربية لتُعيد هذا الورقة الدستورية إلى الواجهة، في خطوة رمزية تحمل أكثر من دلالة سياسية، وتُمهّد لأجواء انتخابية ساخنة قبل عام من استحقاقات 2026.
المادة 105: سلاح المعارضة الدستوري
يرتكز هذا التوجه على الفصل 105 من الدستور المغربي، الذي يمنح للبرلمان إمكانية تقديم ملتمس رقابة، يُفضي – في حال المصادقة عليه – إلى الإطاحة بالحكومة بكاملها. ووفقًا للدكتور عباس الوردي، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بالرباط، فإن هذا الفصل يشكل مرتكزًا قانونيًا متينًا يُمكّن المعارضة من ممارسة دورها الدستوري في مراقبة الأداء الحكومي.
وأكد الوردي أن المبادرة تُجسد آلية رقابية مشروعة تهدف إلى تقييم السياسات العامة وتعزيز التوازن المؤسساتي داخل النسق السياسي المغربي، مشددًا على أن المعارضة تستخدم هذا الحق لتأكيد حضورها السياسي وتقديم نفسها كـ”بديل ديمقراطي محتمل”.
أغلبية مريحة تُقلّص هامش المناورة
في المقابل، يرى الخبير ذاته أن التحالف الحكومي الحالي يتمتع بـ”أغلبية مريحة” تُخول له إجهاض أي ملتمس رقابة، ما يجعل مثل هذه المبادرات ذات طابع رمزي أكثر من كونها عملية. كما أشار إلى أن الملتمس يتطلب تعبئة واسعة داخل البرلمان، وهو أمر غير متوفر حاليًا، لا سيما في ظل غياب الدعم من طرف حزب الاستقلال وأحزاب أخرى لم تلتحق بهذه الدينامية بعد.
قراءة في الخلفية السياسية
ويربط المحللون هذا التحرك بتوقيت دقيق، إذ يأتي قبل عام من الانتخابات المقبلة، مما يعكس سعي المعارضة إلى تحسين تموقعها السياسي والإعلامي، واستثمار الآليات الدستورية لإرسال رسائل سياسية للحكومة والناخبين على حد سواء.
وحسب الوردي، فإن هذا الحراك يعيد إلى الأذهان محطات سابقة في التاريخ الدستوري للمملكة، حيث كانت الملتمسات تطرح أحيانًا لغايات سياسية أكثر منها مؤسساتية، دون أن تنجح فعليًا في إسقاط أي حكومة منذ الاستقلال.
هل تُمهد المعارضة لمرحلة انتقالية؟
يرى عدد من المتابعين أن هذه المبادرة تُندرج في إطار استراتيجية سياسية تسعى إلى تهيئة الأجواء لصعود معارضة أقوى قادرة على المنافسة على السلطة. كما قد تكون تمهيدًا لنقاش أوسع حول إصلاحات دستورية مستقبلية تُكرس مزيدًا من آليات التقييم والمحاسبة.
في انتظار التفاعل الحكومي
في غياب دعم واسع داخل البرلمان، تظل هذه الخطوة ذات طابع رمزي، لكنها في الوقت نفسه تؤشر على حركية سياسية جديدة قد تُعيد تشكيل موازين القوى داخل المشهد الحزبي، خاصة إذا تفاعلت الحكومة معها بمنطق التقييم والتقويم بدل المواجهة. وفي ختام قراءته، اعتبر الدكتور الوردي أن تفعيل الفصل 105، وإن لم يُسفر عن إسقاط الحكومة، يعكس حيوية دستورية وديمقراطية داخل البرلمان المغربي، ويمثل تعبيرًا عن نضج المؤسسات السياسية وقدرتها على إدارة الخلاف ضمن الإطار الدستوري