تحل الذكرى التاسعة والأربعون للمسيرة الخضراء، التي تعد علامة بارزة في تاريخ المغرب، حيث مثلت انطلاقة حقيقية لاستكمال الوحدة الترابية للمملكة. ففي 6 نونبر 1975، خرج المغاربة من جميع أنحاء الوطن في مسيرة سلمية لتحرير الأقاليم الجنوبية من الاستعمار الإسباني. اليوم، تتواصل آثار تلك المسيرة عبر مكاسب دبلوماسية واضحة تعزز من موقف المغرب في الساحة الدولية وتؤكد على سيادته على صحرائه.
أبعاد المسيرة الخضراء: المسيرة الخضراء لم تكن مجرد حدث تاريخي، بل شكلت أيضًا نقطة انطلاق للمغرب نحو تبني سياسة دبلوماسية هادئة وفعالة. لقد أسس المغرب منذ ذلك الحين لجيل جديد من السياسات التي تهدف إلى تعزيز الوحدة الترابية، بالتزامن مع الرفع من وتيرة الحوار مع المجتمع الدولي حول القضية الوطنية. المغرب عمد إلى تصحيح المفاهيم وتقديم الحجج الدامغة التي تثبت مغربية الصحراء، مدعومًا بعلاقات قوية مع الدول الصديقة.
الجهود الدبلوماسية: في السنوات الأخيرة، نجح المغرب في استقطاب دعم متزايد من دول العالم لمغربية الصحراء. كان الاعتراف التاريخي للولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على صحرائه في دجنبر 2020 نقطة تحول رئيسية، تلتها اعترافات من دول أخرى،ىخرها الاعتراف الفرنسي الدولة التي لها حق الفيتو وتجمعها روبط تاريخية مع المغرب، مما يعكس تحولات إيجابية في المواقف الدولية تجاه القضية. بالإضافة إلى ذلك، اتخذ المغرب خطوات فعالة لتعزيز وجوده في المؤسسات الدولية والإفريقية، مما يساهم في تكريس مكانته كدولة رائدة في المنطقة.
استراتيجية الحكم الذاتي: لقد وضعت المملكة المغربية مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي لنزاع الصحراء، وهو ما حظي بتأييد عدد من الدول الكبرى. هذه المبادرة ليست مجرد مسعى سياسي، بل تعكس إرادة المغرب في تحقيق الاستقرار والتنمية في الأقاليم الجنوبية، مما يجعل من هذه المناطق نماذج حية للتنمية المستدامة.
التحديات المستقبلية: بالرغم من الإنجازات الدبلوماسية التي حققها المغرب، لا تزال هناك تحديات تتطلب يقظة واستمرارية في العمل. يتعين على المملكة مواجهة المناورات السياسية من قبل خصومها، والعمل على تعزيز التحالفات مع الدول الشقيقة والصديقة. إن مواجهة التحديات المقبلة تتطلب تعزيز التنسيق بين جميع الفاعلين الوطنيين بما يضمن نجاح الدبلوماسية المغربية في المحافل الدولية.
تظل المسيرة الخضراء رمزا للحنين والعزيمة المغربية في استرجاع الحقوق واستكمال الوحدة الترابية. إن المكاسب الدبلوماسية المستمرة للمغرب تدل على قدرة المملكة على تحويل التحديات إلى فرص، لتبقى القضية الوطنية في صدارة اهتمامات المغاربة، ولتأكيد حقهم التاريخي في الصحراء المغربية.