المغرب

القنيطرة.. اعتقال شخص بتهمة انتحال صفة صحافي والتشهير برجال السلطة يعيد الجدل حول فوضى الصفحات الاخبارية

شهد اقليم القنيطرة حادثا جديدا يعيد الى الواجهة النقاش المتصاعد حول الفوضى التي تعرفها بعض الصفحات الرقمية على منصات التواصل، بعدما تمكنت عناصر المركز القضائي للدرك الملكي بسيدي الطيبي من توقيف شخص كان يقدم نفسه كصحافي ويدير صفحة على فيسبوك يروج من خلالها تدوينات تسيء لرجال السلطة وتبث معطيات غير دقيقة للرأي العام المحلي.

وبحسب معطيات من مصادر مطلعة، فان مسؤولين تقدموا بشكاية ضد المعني بالامر بعد ان تبين وجود منشورات تتضمن اتهامات خطيرة وغير موثقة، اعتبرتها السلطات تشهيرا واهانة لموظفين اثناء قيامهم بمهامهم. وتفيد نفس المصادر ان المتهم كان يعمد الى تقديم نفسه كاعلامي، ويوجه كلاما قدحيا لمسؤولين محليين دون الاستناد الى اي ادلة او وثائق تثبت صحة ادعاءاته.

عملية التوقيف جاءت بعد فتح تحقيق اولي، حيث تم الاستماع الى المشتبه فيه في محضر رسمي، ليتم وضعه تحت تدابير الحراسة النظرية رهن اشارة البحث الذي تشرف عليه النيابة العامة. وتتمحور التهم حول انتحال صفة ينظمها القانون، والتشهير، وبث ادعاءات كاذبة عبر وسائط رقمية، وهي تهم يعاقب عليها القانون المغربي بشكل صارم، خاصة عندما تستهدف موظفين عموميين يمارسون مهامهم.

الحادث، وان بدا في ظاهره واقعة فردية، الا انه يعكس ظاهرة اخذة في الاتساع داخل الاقليم وخارجه، شوهت المشهد الاعلامي المحلي، واتاحت انتشار اخبار مضللة احيانا، ومسيئة غالبا.

ويرى مهتمون بالشأن الاعلامي والقانوني ان توسع هذه الظاهرة يرتبط بثلاثة عوامل اساسية: غياب الوعي القانوني لدى بعض المواطنين، ضعف الرقابة الرقمية، ورغبة البعض في اكتساب شرعية وهمية من خلال لعب دور الصحافي دون تكوين او اخلاقيات مهنة. وهو ما يخلق بيئة خصبة لانتشار الاشاعة والتشهير، ويعرض سمعة الاشخاص والمؤسسات للضرر.

كما ان هذا النوع من السلوك يضع السلطات امام معادلة دقيقة، تجمع بين ضرورة ضمان حرية التعبير، وبين حماية المجتمع من الاخبار الزائفة والتشهير والاساءة. فالقانون المغربي، سواء من خلال قانون الصحافة والنشر او القانون الجنائي، يضع حدودا واضحة لممارسة المهنة، ويشدد العقوبات على من يستغل الفضاء الرقمي للاضرار بالغير او المس بالمرفق العام.

اعتقال الشخص المعني في سيدي الطيبي قد يكون رسالة واضحة بان زمن الفوضى الاعلامية الرقمية بدأ يضيق، وان ترويج الاخبار الكاذبة او الاساءة الى موظفين عموميين لن يظل بلا تبعات. كما يفتح الباب لنقاش اوسع حول الحاجة الى تعزيز التربية الاعلامية، وتطوير اليات التحقق من المحتوى، وتشجيع المواطنين على التمييز بين الصحافة المهنية وبين المحتوى العشوائي الذي يقدمه هواة بلا تكوين ولا مسؤولية.

في النهاية، تظل الواقعة مناسبة للتأكيد على ضرورة حماية سمعة الاشخاص والمؤسسات من التشهير، وفي الوقت نفسه ضمان فضاء اعلامي حر ومسؤول يحترم القانون واخلاقيات المهنة، لان صحافة قوية ومسؤولة هي ركيزة لاي مجتمع يسعى لترسيخ دولة الحق والقانون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى