المغرب

الأمن المائي في المغرب : تحديات متزايدة وحلول مقترحة

الأمن المائي في المغرب : يواجه المغرب تحديات متزايدة في قطاع المياه، في ظل تأثيرات التغيرات المناخية والجفاف المتكرر، مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في الموارد المائية المتاحة للفرد. وفقًا لتقرير حديث صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية لإفريقيا، يُتوقع أن تنخفض حصة المياه للفرد إلى 500 متر مكعب سنويًا، وهو مؤشر خطير بالنظر إلى تزايد الطلب الناجم عن النمو الديموغرافي والتوسع العمراني.

في ظل هذه التحديات، دعا التقرير إلى تبني سياسات جديدة لترشيد استهلاك المياه، من بينها مراجعة نظام التسعير، بحيث يتم تقديم حوافز مالية للأفراد والشركات التي تقلل من استهلاكها المائي، مثل التخفيضات على الفواتير أو منح مكافآت بيئية. وفي المقابل، أوصى بفرض غرامات على الاستهلاك المفرط للمياه، خاصة في القطاع الصناعي، مع وضع حدود إلزامية للاستهلاك المائي لكل قطاع اقتصادي، مصحوبة بضرائب تصاعدية على الاستخدام المفرط.

كما أوصى التقرير بتعميم العدادات الذكية في المنازل والمصانع، بحيث يتم إرسال تنبيهات فورية عبر التطبيقات في حالة الاستهلاك المفرط. واقترح إطلاق بوابة إلكترونية تمكّن الأسر من مراقبة استهلاكها المائي، مع توفير نصائح فورية لترشيده. إضافة إلى ذلك، تمت الإشارة إلى دور تقنيات “إنترنت المياه” (IoW) في تحليل الاستهلاك وإطلاق إنذارات تلقائية في حالات الإسراف.

من بين الحلول المطروحة، أوصى التقرير بإنشاء مجلس للعدالة المائية يضم خبراء بيئيين واقتصاديين وممثلين عن الجهات، لضمان توزيع عادل وشفاف للمياه بين مختلف المناطق. كما شدد على أهمية وضع برنامج إقليمي للتوازن المائي، يهدف إلى تخصيص حصص عادلة لكل منطقة بناءً على مواردها واحتياجاتها.

بما أن القطاع الزراعي يستهلك حوالي 80% من الموارد المائية سنويًا، فقد اقترح التقرير اعتماد أنظمة ري ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، لضبط كميات المياه بدقة وتقليل الهدر بنسبة 30%، مع تحفيز المزارعين على تبني نظم الري بالتنقيط عبر دعم مالي حكومي خاص بالمزارع الصغيرة.

كما شدد التقرير على ضرورة إعادة توجيه الإنتاج الزراعي نحو محاصيل أقل استهلاكًا للمياه، مثل الحبوب، على حساب محاصيل تصديرية عالية الاستهلاك مثل الأفوكادو والتوت الأحمر، التي تتطلب أكثر من 10,000 متر مكعب من المياه لكل هكتار سنويًا.

أبرز التقرير وجود نقص واضح في التنسيق بين مختلف الجهات المسؤولة عن قطاع المياه، مشيرًا إلى أن المجلس الأعلى للماء والمناخ لم يعقد أي اجتماع منذ عام 2001، رغم دوره الأساسي في مراجعة السياسات الوطنية المتعلقة بالمياه والمناخ.

تؤكد هذه التوصيات الحاجة الملحة إلى إصلاح جذري في إدارة الموارد المائية بالمغرب، من خلال تعزيز الرقمنة، تحسين الحوكمة، دعم السياسات المستدامة في الزراعة والصناعة، وضمان التوزيع العادل للمياه. ومع استمرار تزايد الضغوط المناخية والديموغرافية، فإن تبني هذه الحلول سيكون ضروريًا لضمان الأمن المائي للمملكة في العقود القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WeCreativez WhatsApp Support
فريق صفروبريس في الاستماع
مرحبا