استغلال الأطفال في التسول.. ظاهرة مقلقة تعمق هشاشة المجتمع

أصدرت المحكمة الابتدائية بالحسيمة أحكاما بالسجن والغرامة في حق ستة أشخاص تمت متابعتهم بتهم مرتبطة باستغلال أطفال في أعمال التسول. وقد تراوحت الأحكام ما بين شهر واحد حبسا موقوف التنفيذ وسنة سجنا نافذا، إضافة إلى غرامات مالية، وذلك في إطار تفعيل المقتضيات القانونية التي تشدد العقوبات على جرائم تمسّ كرامة الطفولة والنظام العام.
وتأتي هذه الأحكام منسجمة مع ما ينص عليه القانون الجنائي، خاصة المادتين 326 و333، اللتين تجرّمان التسول وتضاعفان العقوبات عندما يقترن باستغلال القاصرين، نظرا لما يشكله من تهديد مباشر لسلامتهم الجسدية والنفسية.
رغم الجهود الأمنية والقضائية المبذولة، ما تزال شوارع وساحات بعض المدن المغربية فضاءً تستغله شبكات منظمة تجعل من هشاشة الطفولة والإعاقات الجسدية وسيلة لابتزاز عطف المارة. هذه الممارسات، التي تدر أرباحا غير مشروعة، تحوّلت إلى نشاط ممنهج، تتقاطع فيه مصالح مالية غير قانونية، في غياب حلول جذرية توقف نزيف الاستغلال.
انتشار الظاهرة لا يقتصر على كونها خرقا للقانون، بل يثير أيضا إشكالات مرتبطة بالأمن الاجتماعي وصورة الفضاء العمومي. فحين تتحول التسولات المنظمة إلى مشهد يومي، تتعرض الثقة العامة للتآكل، ويتعمق الإحساس بانعدام الحماية، خصوصا لدى الفئات الأكثر هشاشة.
المعطيات الميدانية تؤكد أن التسول في المغرب تجاوز السلوك الفردي العابر ليأخذ طابعا منظما، ما يستدعي مواجهة الظاهرة بمقاربة شمولية تجمع بين تعزيز الإجراءات القانونية وتوفير بدائل اجتماعية وإنسانية. فالقانون وحده غير كافٍ ما لم تُرفَق العقوبات ببرامج حماية الطفولة، وتدابير إدماج، وآليات لدعم الأسر في وضعية هشاشة.