أزمة تواصل … عزوف الصحفيين عن المؤتمرات الصحفية للناطق الرسمي باسم الحكومة

تفاؤل سرعان ما تحول إلى خيبة أمل
أزمة تواصل : عند إحداث منصب الناطق الرسمي باسم الحكومة، استبشر المغاربة خيرًا بهذه الخطوة التي اعتُبرت آنذاك مؤشرًا على تعزيز الشفافية وتحسين التواصل بين الحكومة والرأي العام. غير أن هذا التفاؤل لم يدم طويلًا، إذ سرعان ما تراجع الاهتمام بالمؤتمرات الصحفية الأسبوعية، التي أصبحت شبه خالية من الصحفيين، بسبب عدم تقديمها إجابات كافية عن تساؤلاتهم، مما أفقدها قيمتها الإعلامية.
صورة تكشف واقع العلاقة بين الحكومة والإعلام
وفقًا لما نشره الأسبوعي “الأيام”، فإن صورة تم تداولها على نطاق واسع خلال مؤتمر صحفي عقده الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، في يناير الماضي، كشفت عن مدى تدهور العلاقة بين الحكومة ووسائل الإعلام. الصورة أظهرت قاعة شبه فارغة، بينما كان الوزير يقرأ بيانًا حكوميًا، ما فُسِّر على أنه مؤشر على عزوف الصحفيين عن متابعة هذه المؤتمرات.
ورغم محاولات الحكومة التخفيف من تداعيات هذه الصورة، إلا أنها كشفت بوضوح ضعف سياستها التواصلية منذ توليها السلطة عام 2021، وعجزها عن إقناع الرأي العام بإنجازاتها، رغم توفرها على وزارة متخصصة في الاتصال، إلى جانب منصب الناطق الرسمي.
أسباب العزوف: فقدان المصداقية وضعف التفاعل
يتساءل التقرير عن الأسباب التي دفعت الصحفيين إلى العزوف عن هذه المؤتمرات، التي كان يُفترض أن تكون فرصة لطرح الأسئلة والحصول على إجابات واضحة. لكن الواقع يكشف أنها أصبحت، في نظر الصحفيين، مجرد “مضيعة للوقت”، بسبب تقلص عدد القضايا المطروحة، فضلًا عن سياسة انتقاء الأسئلة مسبقًا، وهو ما يسمح للوزير بتجنب المواضيع الحساسة والمحرجة.
ولمواجهة التداعيات السلبية لانتشار الصورة المثيرة للجدل، قرر الناطق الرسمي تغيير مكان انعقاد المؤتمرات الصحفية، حيث أصبحت تُعقد في ملحقة حكومية بحي العرفان بدلًا من مقر وكالة المغرب العربي للأنباء، في خطوة فُسِّرت على أنها محاولة للحد من تأثير الصورة الأولى التي اعتبرتها الحكومة غير ملائمة.
غياب استراتيجية تواصلية واضحة
كان من المفترض أن يساهم إحداث منصب الناطق الرسمي في تعزيز التواصل الحكومي مع المواطنين ووسائل الإعلام، إلا أن الأداء الحالي يكشف عكس ذلك. ويرى التقرير أن الحكومة تفتقر إلى استراتيجية تواصلية متكاملة، ترتكز على:
الشفافية في نقل المعلومات وتوضيح القرارات الحكومية.
التفاعل الفوري مع القضايا المطروحة في الساحة الإعلامية.
إتاحة الفرصة للصحفيين لطرح أسئلتهم دون قيود.
تعزيز الشراكة مع وسائل الإعلام باعتبارها المصدر الأساسي لنقل المعلومات إلى المواطنين.
تراجع التواصل يعزز انتشار الأخبار الزائفة
ساهم ضعف التواصل الحكومي في زيادة اعتماد المواطنين على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومات، وهو ما أدى إلى انتشار الأخبار الزائفة والإشاعات. ولتفادي هذا الوضع، يرى التقرير ضرورة إعادة النظر في دور الناطق الرسمي، وجعله مصدرًا أساسيًا وموثوقًا للمعلومات حول أنشطة الحكومة وقراراتها.
في النهاية، يتطلب تحسين التواصل الحكومي إصلاحًا جذريًا في آليات العمل، من خلال إعادة بناء الثقة مع وسائل الإعلام، واعتماد نهج أكثر شفافية وانفتاحًا، بما يتماشى مع انتظارات المواطنين، ويعزز ثقتهم في أداء الحكومة وسياساتها.