العالم

نيجيريا.. هجوم انتحاري يخلف 20 قتيلاً ويعيد شبح الإرهاب إلى الواجهة

في مشهد مأساوي يعكس هشاشة الوضع الأمني في شمال شرق نيجيريا، شهدت بلدة كوندوغا، التابعة لولاية بورنو، ليلة الجمعة 20 يونيو 2025، هجوماً انتحارياً دامياً أسفر عن مقتل 20 شخصاً، بينهم 10 مدنيين أبرياء و10 عناصر مسلحة من ميليشيات محلية موالية للجيش.

وبحسب المعطيات المتوفرة، نفذت العملية امرأة انتحارية تسللت تحت جنح الظلام إلى مطعم شعبي مكتظ بالرواد، مستغلةً سوء الأحوال الجوية وهطول الأمطار لتفادي الانتباه، قبل أن تفجّر نفسها وسط الزبائن. الانفجار كان قوياً ومدمراً، وأدى إلى تناثر الجثث وإصابة عدد من المدنيين بجروح خطيرة استدعت نقلهم بشكل عاجل إلى مستشفيات مدينة مايدوغوري، عاصمة الولاية.

الهجوم لم يكن موجهاً ضد المدنيين فقط، بل طال أيضاً عناصر من ميليشيات محلية كانت تتمركز قرب الموقع المستهدف، وتُعرف هذه المجموعات بمشاركتها إلى جانب القوات النيجيرية في ملاحقة الجماعات الإرهابية المتطرفة، خاصة تنظيمي بوكو حرام و”ولاية غرب إفريقيا” المرتبطين بتنظيم داعش، واللذين يُعتبران الأكثر دموية في المنطقة منذ سنوات.

العملية أثارت ذعراً واسعاً في أوساط السكان المحليين، ودفعت السلطات إلى تطويق المنطقة وفتح تحقيق شامل لتحديد الجهة المسؤولة، خصوصاً في ظل صمت التنظيمات المتطرفة وعدم تبني أي جهة للعملية حتى اللحظة. ويُعتقد أن الهجوم يحمل بصمات الجماعات المسلحة التي دأبت على استخدام نساء وأطفال لتنفيذ عمليات انتحارية صادمة، مستغلة هشاشة الأوضاع الاجتماعية والأمنية في القرى والأرياف.

ورغم التصريحات المتكررة من الحكومة الفدرالية في نيجيريا، والتي تؤكد على تحسن الوضع الأمني وتقليص خطر الجماعات الإرهابية، فإن هذه العملية تؤكد مجدداً أن التنظيمات المتطرفة ما تزال قادرة على اختراق المنظومة الأمنية، واستهداف مواقع مدنية بكل سهولة، ما يطرح أسئلة ملحّة حول فعالية التعاون بين الجيش والميليشيات، وجدوى المقاربة العسكرية التقليدية في مواجهة خطر معقد ومتجذر.

الهجوم الانتحاري في كوندُوغا يعيد إلى الأذهان سلسلة من الهجمات المشابهة التي عرفتها مناطق شمال شرق البلاد خلال العقد الماضي، حيث أدت تلك العمليات إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين، دون أن تتمكن الدولة النيجيرية من القضاء التام على البنية المسلحة لهذه التنظيمات، رغم كل التحالفات والدعم الدولي.

وفي ظل هذا المشهد، تتعالى الدعوات من المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية لضرورة مراجعة شاملة للسياسات الأمنية، وتطوير منظومة الاستخبارات، ومباشرة حلول تنموية عميقة لمعالجة جذور التطرف، التي تبدأ بالتهميش، وتزدهر في غياب التعليم، وتنفجر عندما يتراكم الإحباط وانعدام الأفق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى