التقيا صدفة في محطة القطار. تصافحت الأعين وتقاطعت النظرات المشحونة بأحاسيس غريبة كشحنات كهربائية. إنه الحب..!
ركبا القطار وجلسا جنبا إلى جنب، فكانت النظرات والابتسامات والكلمات العذبة، تزين المشهد، وتزود الرحلة بنكهة خاصة ولذة لا تماثلها لذة. تعددت اللقاءات إلى أن قررا الزواج.. مسك يدها يوما ثم قال:
ـ حبيبتي.. سأكون فراشك وغطاءك ومصدر أمن وطمأنينة لك طالما أنا على قيد الحياة. فتأكدي أن لا هم لي في الدنيا سوى إسعادك! استرخت الفتاة لسماع كلماته الرقيقة ثم قالت:
ـ وأنا كذلك يا حبيبي.. سأفعل كل ما بوسعي لأجعلك من أسعد الأزواج الموجودين فوق الأرض !
تزوجا ثم عاشا ربيعا أخضر امتزجت فيه كل أنواع النباتات والأزهار الجميلة بالأحلام الوردية والأمنيات المشرقة، لكن سرعان ما انقلب هذا الربيع الرائع إلى خريف متجهم، تساقطت فيه كل الأوراق وبقيت الأغصان متطلعة نحو السماء عارية تواجه الرياح العاتية، وتلطمها المشاكل العويصة الناجمة عن أثمنة البطاطس والطماطم وفواتير الماء والكهرباء.. كثر الشجار، وعظم الغيار، فقررا الافتراق. وقفا جنبا إلى جنب أمام القاضي الذي بادرهما بالسؤال:
ـ هل من سبيل للصلح بينكما؟
أجابا بلسان واحد:
ـ لا
قال: ـ لماذا؟
قالت: لأنه وعدني بالسعادة ولم يف بوعده.
توجه القاضي إلى الزوج:
ـ وأنت؟
أجاب:
ـ هي كذلك وعدتني بالسعادة ولم تف بوعدها.
قال القاضي في هدوء:
ـ سأطرح عليكما سؤالا، وأريد أن تجيباني بصراحة.
قالا:
ـ نحن في الاستماع إليك يا سيدي !
قال:
ـ عندما كنتما بصدد التخطيط لزواجكما، ألم يسأل أحدكما الآخر عن الأشياء التي تسعده، حتى يختبر كل واحد منكما قدراته الذاتية ويسأل نفسه عما إذا كان قادرا على تحقيقها أم لا؟
نظرا إلى بعضهما نظرة استغراب ثم أجابا: ـ لا
هز القاضي رأسه وهو يبتسم ثم قال ساخرا:
ـ .. كانت باينة..! رفعت الجلسة..!
صدقت اخي نجيب عجيب امر هذه الحياة تجمع و تفرق متى تشاء تسعد و تتعب متى راقت انه امر المفارقات و المتناقضات فمهلا على انفسنا و الا فقدنا صوابنا في رمشة عين،فعلا اشتقنا الى تلك الجلسات الرائعة التي وحدها كانت تنسينا امر هاته الحياة…