العالم

قوارب اليأس من الجزائر الى جزر البليار تكشف فشل سياسة الهجرة

هذا الاسبوع شهدت جزر البليار وصول نحو ستمئة مهاجر جزائري غير نظامي على متن اكثر من ثلاثين قاربا. السلطات المحلية اكدت امتلاء مراكز الاستقبال بالكامل. حكومة الجزر اتهمت مدريد بالتقصير. المعارضة حذرت من انهيار نظام اللجوء. هذه الوقائع ليست خبرا عابرا. انها دليل جديد على ازمة هيكلية في سياسة الهجرة الجزائرية.

الهجرة هنا ليست قرارا فرديا معزولا. انها تصويت يومي ضد الوضع الداخلي. شباب بلا افق اقتصادي ولا مسار سياسي ولا خدمات عمومية محترمة. عندما تغيب الشغل والحرية والكرامة يصبح البحر خيارا عقلانيا بالنسبة لكثيرين. الدولة ترد بمقاربة امنية ورقابية على السواحل. لكن الزوارق تخرج كل ليلة. لان السبب الحقيقي لم يمس بعد.

النظام يقدم نفسه مدافعا عن حقوق الانسان خارجيا. داخليا يكتفي ببيانات انشائية واحباط مشاريع اصلاح جدية. يتعامل مع الملف كورقة في تفاوضه مع الاوروبيين. كلما توترت العلاقات يرتفع منسوب القوارب. وفي النهاية يدفع المواطن الثمن في حياته وسمعته. وتدفع المناطق الساحلية الثمن اقتصاديا واجتماعيا.

المشهد في جزر البليار يكشف الوجه الاخر للازمة. دول الضفة الشمالية تعيش ضغطا كبيرا. مراكز ممتلئة واجهزة انقاذ مرهقة ونقاشات داخلية حادة حول اللجوء. ومع ذلك لا ممر انساني آمنا ولا شراكات تنموية حقيقية مع الضفة الجنوبية. الكلفة توزع بين قارة لا تقدم حلولا جذرية ونظام جنوب متعثر يطرد شبابه بصمته.

سياسة الهجرة في الجزائر تنطلق من فرضية خاطئة. السيطرة الامنية وحدها كافية. الواقع يكذب ذلك. المطلوب مسار ثلاثي واضح. اولا فتح افق سياسي يضمن المشاركة والحقوق ويعيد الثقة بالمؤسسات. ثانيا تحرير الاقتصاد من الريع وتسهيل الاستثمار والابتكار وتشغيل الشباب بمشاريع صغيرة ومتوسطة واقتصاد محلي منتج. ثالثا التوقف عن استعمال الهجرة في المناكفات الدبلوماسية وبناء شراكات عملية مع الجوار تقوم على التدريب المهني والممرات الشرعية للعمل الموسمي.

قوارب الياس التي رست في جزر البليار هذا الاسبوع ليست نهاية الرحلة. انها بدايتها. اما ان تقرأ السلطة الرسالة وتختار اصلاحا مؤلما لكنه ضروري. واما ان تستمر في الانكار حتى يصبح البحر هو البرنامج الاجتماعي الوحيد المفتوح امام شباب البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى