العالم

قمة التحرر بجنوب إفريقيا… عنوان صدام ينتهي إلى فشل سياسي

بينما تستعد جنوب إفريقيا لاحتضان مؤتمر “حركات التحرر” تحت شعار الدفاع عن مكاسب التحرر وتعزيز التضامن من أجل إفريقيا أفضل، تبدو المؤشرات السياسية مغايرة تماما لهذا الخطاب المعلن. فالسياق الذي جاءت فيه الدعوة لهذا المؤتمر، والتصريحات الأخيرة للرئيس الجنوب إفريقي السابق جاكوب زوما المؤيدة لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، أربكت الحسابات داخل الحزب الحاكم وأخرجت النقاش من إطار التضامن إلى معركة مواقع بين الأجنحة السياسية المتصارعة داخل جنوب إفريقيا نفسها.

تنظيم القمة في هذا التوقيت، وبرئاسة سيريل رامافوزا، لا يعكس وحدة سياسية بقدر ما يكشف ارتباكا دبلوماسيا واضحا. فبينما يطرح المؤتمر نفسه كمنصة لدعم قضايا التحرر، فإن أجندته تحولت عمليا إلى ساحة تصفية حسابات بين مؤيدي الطرح الانفصالي ومعارضي تسييس ملف الصحراء داخل الفضاء الإفريقي.

المفارقة الأبرز، أن الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا يجد نفسه اليوم أمام انقسام داخلي، حيث تجرأت جبهة “البوليساريو” بدعم جزائري على استغلال المؤتمر لإحياء خطاب متجاوز في ظل موقف زوما الذي خلط الأوراق، وأحرج القيادة السياسية للبلد المضيف.

وتزداد مؤشرات الفشل مع ضعف الحضور الإفريقي الفاعل في المؤتمر، واستمرار الغموض حول طبيعة التوصيات المنتظرة. فالمواقف المعلنة من بعض الدول الإفريقية باتت أكثر ميلا للبراغماتية واحترام سيادة الدول، وهو ما يتناقض كليا مع الطرح العقيم الذي تحاول الجزائر والبعض داخل جنوب إفريقيا فرضه تحت غطاء التحرر.

إن قمة جوهانسبورغ مرشحة للتحول من حدث تضامني إلى منصة صدام سياسي، بل قد تتحول إلى محطة فاضحة لانقسامات القادة والمنظمين أنفسهم، في وقت تعيش فيه القارة لحظات دقيقة تتطلب خطابا عقلانيا ومسؤولا.

خلاصة القول، أن القمة التي رُوّج لها على أنها فضاء للوحدة الإفريقية، تبدو اليوم عاجزة عن تجاوز تناقضاتها الداخلية، وهو ما يجعل من فشلها السياسي أمرا شبه مؤكد، خاصة في ظل بروز أصوات إفريقية تطالب بوقف التوظيف الإيديولوجي للقضايا المصيرية في القارة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى