قطاع الحوامض بالمغرب.. إنتاج وفير في مواجهة ندرة الماء وتحديات التسويق

كشف أول مؤتمر وطني للفيدرالية البينية لقطاع الحوامض “Maroc Citrus”، المنعقد بمراكش تحت شعار “تحديات القطاع المتعددة: أية سبل للتحرك؟”، عن معطيات دقيقة تعكس واقعًا متقلبًا لواحد من أكثر القطاعات الفلاحية ارتباطًا بالاقتصاد الوطني والشغل القروي.
وحسب الفيدرالية، فإن المغرب ينتج سنويًا أكثر من 1.5 مليون طن من الحوامض، يتم توجيه 500 ألف طن منها إلى التصدير. ويشكل القطاع مصدر دخل لأزيد من 13 ألف عائلة قروية، كما يخلق نحو 32 مليون يوم عمل، ويغذي شبكة تضم 50 محطة تلفيف و4 مصانع للعصائر.
بين عامي 2010 و2016، توسعت المساحات المزروعة من 98 ألف إلى 128 ألف هكتار، بفضل مخطط المغرب الأخضر والشراكات العمومية-الخاصة، وهو ما أدى إلى ارتفاع الإنتاج بنسبة 59% ليصل إلى 2.6 مليون طن. غير أن هذه الدينامية اصطدمت لاحقًا بإشكالية فائض الإنتاج وغياب منافذ التسويق، وهي أزمة تفاقمت بسبب التغيرات المناخية، إذ فقد القطاع أزيد من 37 ألف هكتار خلال ثماني سنوات، لتتراجع المساحة إلى 91.342 هكتارًا والإنتاج إلى 1.5 مليون طن فقط.
ورغم هذه الانتكاسة، فإن الفاعلين يعملون على إعادة هيكلة القطاع. اليوم، نصف المساحات المغروسة لا تتجاوز أعمارها 15 سنة، مع توجه واضح نحو أصناف ذات قيمة مضافة عالية مثل “نادور كوت”، التي طوّرت محليًا وتصدَّر حاليًا لأكثر من 40 بلدًا بفضل جودتها ومردوديتها وانتظام إنتاجها.
لكن المنافسة الإقليمية أصبحت أكثر شراسة، خاصة من تركيا ومصر، مما أثر سلبًا على حصة المغرب في السوق الروسي، وقلّص موسم تصدير الكليمنتين بشهرين، وهو ما أضعف مداخيل المنتجين وقلل من تزويد وحدات التحويل الصناعي. في المقابل، فتح تراجع إنتاج البرازيل، المتأثر بفيروس زراعي، فرصة استراتيجية جديدة أمام المصدّرين المغاربة.
وتبقى أزمة الماء التحدي الأكبر، في ظل توالي مواسم الجفاف، حيث تواجه مناطق الإنتاج الرئيسية خطر فقدان مقومات الاستمرارية. ومع تخصيص المياه المحلاة للاستهلاك المنزلي، لم يعد أمام الفلاحين سوى الاعتماد على مياه السدود والمياه العادمة المعالجة، وهي موارد تبقى محدودة.
وتدعو الفيدرالية إلى الإسراع بتنفيذ مشاريع الربط المائي الكبرى، مثل “طرق الماء”، وربط السدود ببعضها البعض، معتبرة أن هذا الملف يتطلب تنسيقًا عاجلًا بين الدولة والمهنيين، لتفادي انهيار طويل الأمد للقطاع.
ويُذكر أن مجلس المنافسة سبق أن نبّه إلى أعطاب هيكلية تطال هذا المجال، مثل تشتت الحيازات، وضعف التنظيم المهني، والارتهان للوسطاء والمضاربة، وهي عوامل تؤثر سلبًا على التنافسية وترفع التكاليف على المستهلك النهائي.