المغربصفرو

صفرو والعدالة المجالية: خطاب الدولة وغياب الفعل


قال حسن طارق، وسيط المملكة، إن الدولة الاجتماعية هي دولة الإنصاف المجالي، وأن أي سياسة اجتماعية لا يمكن تصورها خارج فضاءات القرب الاجتماعي. كلام يُحتفى به نظريًا، لكنه يطرح سؤالًا مباشرًا: هل يصل هذا الإنصاف إلى إقليم صفرو، أم أن الكلام يبقى حكرًا على العواصم والمدن الكبرى؟
صفرو، إقليم غني بالموارد البشرية والطبيعية، يعاني منذ سنوات من غياب مشاريع تنموية حقيقية. لا توجد به مدارس رياضية متخصصة، ولا مؤسسات تعليمية عليا قادرة على استيعاب الطلبة محليًا، ولا برامج واضحة للتحول الرقمي، رغم أن الحكومة تتبجح بتحويل المغرب إلى مركز تقني ورياضي إقليمي.
إن الحديث عن العدالة المجالية لا يمكن أن يكون مجرد شعارات تُلقى في ندوات العاصمة، بينما الحقائق الميدانية تكشف تهميش الإقليم. فالأطر الحكومية والسياسات العمومية غالبًا ما تترك صفرو في مؤخرة الصف، ويظل أبناؤه مطالبين بالكراء والتنقل إلى فاس أو غيرها، مع تحمل أعباء مالية واجتماعية كبيرة، بينما تُستثمر الموارد والبنيات التحتية في جهات أخرى.
صفرو اليوم يمثل المثال الحي على “مغرب السرعتين”: مناطق تنطلق بسرعة الضوء نحو التنمية، وأقاليم تُترك في الظل، دون مراعاة الخصوصيات المجالية أو حاجيات السكان. الحديث عن العدالة المجالية يصبح هنا مجرد خطاب نظري، لا ينعكس على الأرض.
إذا كانت الدولة فعلاً جادة في تحقيق الإنصاف المجالي، فإن البداية الحقيقية يجب أن تكون بـصفرو، عبر استثمار شامل في التعليم، الرياضة، التحول الرقمي، والبنية التحتية، بما يجعل الإقليم جزءًا فاعلًا في مسار التنمية الوطنية، لا مجرد رقم في الإحصاءات.
صفرو ليس مطالبًا بالشعارات، بل بالحقائق والمشاريع، وإلا فكل الحديث عن العدالة المجالية سيبقى بعيدًا عن أرض الواقع، وحبرًا على ورق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى