أقلام حرةالعالمالمغرب

حين يصبح القاصر ضحية لابتزاز الدولة… صدمة مغربية جديدة من الداخل الإسباني

في فضيحة أخلاقية تعيد إلى الواجهة هشاشة الحماية القانونية للمهاجرين القاصرين، كشف القضاء الإسباني عن تورط ضابط شرطة في اعتداءات جنسية على أطفال مغاربة لا تتجاوز أعمارهم 16 سنة، داخل مراكز الإيواء أو في فنادق قريبة من الحدود. لكنّ ما يُفجِّر الغضب هذه المرة ليس الجريمة فقط، بل الصمت الذي لفّ تفاصيلها، والاحتياطات التي بُني بها “الإجراء الإداري” في حق الجاني.

الواقعة، التي فجرتها وسائل إعلام إسبانية، استدعت موقفًا واضحًا من منظمة “ماتقيش ولدي”، التي عبّرت عن إدانة صريحة لما وصفته بـ”جريمة مركبة”، يتداخل فيها الابتزاز الجنسي مع إساءة استعمال السلطة، واستغلال هشاشة الأطفال المغاربة العالقين بين الحدود.

الضابط لم يكن شخصًا عادياً في المنظومة الأمنية، بل كان من المكلّفين بملفات المهاجرين غير النظاميين، ما يجعل العلاقة بينه وبين الضحايا قائمة أصلًا على التبعية والخوف. مصادر التحقيق تؤكد أنه قدّم وعودًا مباشرة بتسوية وضعية هؤلاء القاصرين مقابل “خدمات جنسية”، وهي وعود لم تُوثّق على الورق، لكنها حاضرة في شهادات الضحايا وبعض التسجيلات المصورة.

المنظمة المغربية رأت في هذه الحادثة نموذجًا مريرًا لانهيار أخلاقي يطال مؤسسات يُفترض أن تكون جزءًا من منظومة الحماية، لا منطق العنف الرمزي والمادي. كما تساءلت، في بيانها غير التقليدي، عمّا إذا كانت هذه الجريمة فردية حقًا، أم أنها تُمثّل رأس جبل جليدي من ممارسات مسكوت عنها داخل دواليب مراكز الاحتجاز الأوروبية.

لكن ما يلفت أكثر هو توصيف المنظمة لهذا الفعل: ليس فقط اغتصابًا، بل “جريمة سياسية” بامتياز، باعتبار أن الأطفال المغاربة في سبتة ومليلية وجزر الكناري لا يخضعون فقط لمخاطر الهجرة، بل أيضًا لأجهزة أمنية أحيانًا ترى فيهم عبئًا أمنيًا لا كائنًا إنسانيًا يحتاج إلى حماية.

اليوم، وبينما يُوقف الضابط مؤقتًا عن العمل لـ90 يومًا فقط، تتصاعد الأصوات المطالِبة بتدخل مغربي رسمي، ليس من باب المناكفة الدبلوماسية، بل حمايةً لأطفال وُلدوا في الظل، ووجدوا أنفسهم فريسة بين يدي دولة تتغنّى بالحقوق وتنسى تفاصيلها عند الحدود.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى