المغرب

الفضاء الرقمي تحت الاختبار: تصاعد المخاطر السيبرانية مع انطلاق كأس إفريقيا للأمم المغرب 2025


مع انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم المغرب 2025، لا يقتصر الرهان على الجوانب التنظيمية والأمنية الميدانية فحسب، بل يمتد ليشمل جبهة لا تقل خطورة، تتمثل في الأمن السيبراني، الذي يشهد بدوره ضغطًا متزايدًا خلال التظاهرات الرياضية الكبرى ذات الصدى القاري والدولي.
في هذا السياق، حذّر خبراء مغاربة في مجال الأمن السيبراني، معتمدون على المستويين الوطني والدولي، من الارتفاع الملحوظ في وتيرة الهجمات السيبرانية التي تستهدف الأفراد والمؤسسات بالمغرب، مؤكدين أن مثل هذه التظاهرات تشكل بيئة خصبة لنشاط القراصنة، نظرًا للزخم الإعلامي، وكثافة المعاملات الرقمية، واتساع قاعدة المستخدمين، خاصة من الزوار الأجانب.
وتشير المعطيات التقنية إلى أن أنماط الهجمات خلال هذه الفترات لا تكون عشوائية، بل تعتمد استراتيجيات دقيقة، من أبرزها هجمات “حجب الخدمة” (DDoS)، التي تستهدف تعطيل المواقع الرسمية والمؤسساتية، سواء بغرض التشويش أو لإيصال رسائل سياسية وإعلامية، أو حتى لابتزاز الجهات المستهدفة. ويزداد هذا الخطر مع الاعتماد المتزايد على المنصات الرقمية في تدبير التذاكر، النقل، والخدمات اللوجستية المرتبطة بالبطولة.
من جهة أخرى، يحذّر الخبراء من توسع عمليات “التصيد الاحتيالي” (Phishing)، عبر إنشاء منصات وهمية تحاكي مواقع بيع التذاكر، أو حجز الفنادق، أو الخدمات السياحية، مستغلة اندفاع الجماهير وسرعة البحث عن العروض. هذه العمليات لا تستهدف فقط الاستيلاء على الأموال، بل تسعى بالأساس إلى جمع المعطيات الحساسة، وعلى رأسها معلومات البطاقات البنكية ووسائل الدفع الإلكتروني، ما يشكل خطرًا مباشرًا على الأفراد والاقتصاد الرقمي.
ولا تقل خطورة شبكات “الواي فاي” المفتوحة والمؤقتة التي تنتشر عادة في محيط الملاعب ومناطق المشجعين، حيث تصبح وسيلة سهلة لاختراق الهواتف الذكية وسرقة البيانات الشخصية، خاصة في ظل ضعف وعي عدد من المستخدمين بالمخاطر المرتبطة بالاتصال غير الآمن.
ويرى مختصون أن نجاح المغرب في تأمين هذا الحدث القاري لا يُقاس فقط بسلامة الملاعب وانسيابية التنظيم، بل كذلك بمدى قدرته على حماية فضائه الرقمي، وضمان ثقة المواطنين والزوار في البنية التحتية الرقمية الوطنية. وهو ما يستدعي تعزيز التنسيق بين المؤسسات الأمنية، والهيئات المختصة في الأمن المعلوماتي، إضافة إلى رفع منسوب التحسيس لدى العموم بشأن الممارسات الرقمية الآمنة.
وفي ظل هذا الواقع، يصبح الأمن السيبراني جزءًا لا يتجزأ من الأمن الشامل، وعنصرًا حاسمًا في صورة المغرب كبلد منظم وقادر على استيعاب التحديات الحديثة المرتبطة بالعولمة الرقمية، خاصة وهو مقبل على تنظيم تظاهرات كبرى أخرى، في مقدمتها الاستحقاقات الكروية العالمية المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى