الجزائر تعيد تدوير “جون بولتون”.. محاولة يائسة لإحياء استفتاء ميت في الصحراء

في وقتٍ تتوسع فيه رقعة الدعم الدولي للمبادرة المغربية للحكم الذاتي بالصحراء، وتترسخ فيه الاعترافات بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، تفاجئ الجزائر الجميع بمحاولة دبلوماسية عبثية: إعادة إحياء دور جون بولتون، المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي غادر البيت الأبيض على وقع فضيحة سياسية، من أجل الترويج لفكرة الاستفتاء، التي أكل عليها الدهر وشرب.
لكن الرهان على “ديناصور دبلوماسي” مثل بولتون، الذي لم يعد يُأخذ على محمل الجد حتى في أوساط واشنطن، يبدو أقرب إلى التهريج السياسي منه إلى تحرك استراتيجي جاد. فالرجل، الذي وُصف من قبل ترامب نفسه بـ”أغبى من في واشنطن”، لم يعد يملك أي وزن فعلي في صناعة القرار الأمريكي.
“بولتون المعاد تدويره” لخدمة أطروحة فاشلة
بولتون، الذي يبلغ من العمر 75 عامًا، عاد مجددًا للواجهة من خلال مقال في صحيفة Washington Times، يهاجم فيه المغرب ويعيد اجترار نفس الخطاب البائد عن “حق تقرير المصير” و”الاستفتاء”، متجاهلًا كليًا أن هذا المسار تم تجاوزه نهائيًا في أروقة الأمم المتحدة، حيث تتحدث القرارات الأممية اليوم عن “حل واقعي، عملي، ومستدام”، وهو ما تجسده حصريًا مبادرة الحكم الذاتي المغربية.
بولتون.. من خطة بيكر إلى ورقة محروقة
العودة إلى خطاب بولتون تُعيد إلى الأذهان دعمه في 2003 لخطة بيكر الثانية، التي دعت إلى استفتاء مستحيل التطبيق، واقترحت توسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل حقوق الإنسان. وهي أفكار تم طيّ صفحتها منذ زمن طويل حتى من قبل من كانوا يراهنون على الحياد، ولم تعد تُطرح حتى في جلسات مجلس الأمن.
ورغم ذلك، تجد الجزائر اليوم ضالتها في شخصية فقدت المصداقية السياسية داخل الولايات المتحدة نفسها، وتركز خطابها الخارجي على دعم “البوليساريو” من خلال مقالات رأي لا تجد صدى إلا في الأوساط المؤدلجة.
نظام في عزلة.. وبولتون كناطق رسمي باسم “البوليساريو“
الرهان الجزائري على جون بولتون يعكس فشلًا ذريعًا في مواكبة التحولات الجيوسياسية، وتشبثًا متكلسًا بخطاب تجاوزته الأحداث. فبينما تتقدم الدبلوماسية المغربية بخطى ثابتة على الساحة الدولية، وتكسب دعمًا متزايدًا من الدول الكبرى، لا تجد الجزائر ما تسنده سوى أصوات مهزومة ورموز فقدت تأثيرها.
والأدهى، أن بولتون بات بشكل غير رسمي ناطقًا باسم “البوليساريو” في الولايات المتحدة، يروج لأطروحات لم يعد أحد يتبناها، متجاهلًا التحولات الجوهرية في مواقف العواصم المؤثرة، وعلى رأسها واشنطن، التي ثبتت اعترافها بمغربية الصحراء.
مناورة يائسة تنتمي لزمن انتهى
باختصار، ما أقدمت عليه الجزائر لا يعدو كونه محاولة يائسة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، من خلال الاستعانة بوجه من الماضي تم التخلص منه سياسيًا حتى داخل بلده. بينما تستمر المبادرة المغربية في كسب الزخم الدولي، تواصل الجزائر العزف على أوتار مشروخَة، لا تنتمي لا للحاضر ولا للمستقبل.