يشهد المغرب، كأكبر مستهلك لزيت الزيتون في العالم العربي، تحديات كبيرة بسبب الارتفاع المتواصل لأسعار هذه المادة الأساسية، حيث وصلت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة خلال عام 2024. وقد أثارت هذه الزيادات موجة من القلق بين الأسر المغربية، خاصة مع تراجع الإنتاج المحلي وصعوبة الوصول إلى المنتج المستورد بأسعار معقولة.
الاستيراد لتخفيف الضغط، لكن الفعالية محدودة
أطلقت وزارة الفلاحة مبادرة لاستيراد زيت الزيتون بهدف تخفيف الضغط على الإنتاج المحلي وتوفير الزيت في السوق بأسعار أقل مقارنة بالمواسم السابقة. ووفقًا للوزارة، جذبت هذه العملية اهتمام أكثر من 80 مشغلاً تجاريًا، مما ساعد في استقرار الأسعار عند مستويات مقبولة نسبيًا، حيث تراوحت الأسعار في بعض المناطق بين 80 و100 درهم للتر الواحد.
ومع ذلك، لم تكن هذه الخطوة كافية لتخفيف العبء عن الأسر ذات الدخل المحدود، إذ لا تزال نسبة كبيرة من المستهلكين غير قادرة على تحمل التكاليف. وصرح أحد المواطنين قائلاً: “كنا نستهلك نحو 10 لترات سنويًا، لكن هذا العام لم نشترِ أي لتر بسبب ارتفاع الأسعار، حيث أصبح سعر اللتر يعادل تكلفة المعيشة الأسبوعية.”
التحديات المحلية: الإنتاج والتكاليف
يرجع الارتفاع في الأسعار إلى انخفاض إنتاج الزيتون المحلي وزيادة تكاليف الإنتاج، حيث وصلت أسعار الزيتون الخام إلى 5 دراهم للكيلوغرام، ويتطلب إنتاج لتر واحد من الزيت حوالي 5 كيلوغرامات من الزيتون، بالإضافة إلى تكاليف اليد العاملة والضغط. ويشير الأمين العام لفيدرالية “إنتر بروليف”، عبد العلي زاز، إلى أن المضاربة في السوق فاقمت الوضع، إذ أن بعض التجار يستوردون الزيت بأسعار منخفضة ثم يعيدون بيعه بهوامش ربح مبالغ فيها.
إجراءات حكومية لتعزيز القطاع
تعهدت وزارة الفلاحة بدعم المنتجين المحليين من خلال تنفيذ بنود العقد-البرنامج الخاص بالقطاع، الذي يهدف إلى تحسين الإنتاجية وضمان استدامة القطاع. ويتضمن البرنامج تسهيلات للحصول على مياه الري ومساعدات تقنية لتحسين ظروف الإنتاج، في انتظار تحسن الظروف المناخية.
قطاع حيوي للاقتصاد الوطني
يمثل قطاع زيت الزيتون مصدرًا مهمًا للدخل في المناطق الريفية، حيث يوفر أكثر من 51 مليون يوم عمل سنويًا، بما يعادل حوالي 380,000 وظيفة دائمة. ويغطي القطاع مساحة تزيد عن مليون هكتار، وتهيمن عليه زراعة صنف “البيشولين المغربية”، الذي يشكل 96% من الإنتاج الوطني.
آفاق المستقبل
رغم التحديات الكبيرة، يأمل الفاعلون في القطاع في موسم زراعي أفضل يدعمه تدخل حكومي أكثر فاعلية لضمان استدامة الإنتاج وتحسين ظروف المزارعين. ومع استمرار المغرب في تطوير بنيته التحتية في مجال تحويل الزيتون، يبقى القطاع ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني واستقرار المناطق القروية.