الملك محمد السادس.. قاهر أعداء الصحراء المغربية

منذ اعتلائه عرش المملكة، جعل الملك محمد السادس من قضية الصحراء المغربية اولوية وطنية ثابتة في اجندته الدبلوماسية والسياسية. وقد تبنى الملك نهجا استباقيا وشاملا يرتكز على الحكمة والصرامة في آن واحد، بهدف ترسيخ السيادة الوطنية على الاقاليم الجنوبية، وقطع الطريق امام كل المناورات الانفصالية.
في قلب هذا التوجه، حرص الملك على تقديم مبادرة الحكم الذاتي سنة، كحل سياسي واقعي وذو مصداقية، يمنح ساكنة الصحراء تدبيرا ذاتيا موسعا تحت السيادة المغربية. هذه المبادرة، التي صاغها المغرب انطلاقا من رؤية تشاركية، لم تطرح فقط كخيار تفاوضي، بل كإطار استراتيجي يؤسس لمشروع تنموي شامل ومستقر في المنطقة. وقد نالت منذ ذلك الحين دعم العديد من الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، وفرنسا، واسبانيا، اضافة الى دول عربية وافريقية وامريكية لاتينية.
الدفاع الملكي عن الصحراء لم يقتصر على المستوى السياسي والدبلوماسي، بل امتد الى التنمية الميدانية، اذ تم اطلاق مشاريع ضخمة في الداخلة والعيون وباقي مدن الصحراء، همت البنية التحتية، والتعليم، والصحة، والصيد البحري، والطاقات المتجددة. فهذه الدينامية ليست فقط لتأكيد الارتباط الاداري والسياسي بالاقاليم الجنوبية، بل ايضا لتكريس واقع تنموي ينعكس ايجابيا على حياة المواطنين، ويجعل من الصحراء نموذجا للتنمية المجالية المتكاملة.
كما ان الملك محمد السادس اولى اهمية خاصة لتقوية المؤسسات المحلية في الصحراء، من خلال المجالس المنتخبة والجهوية، مما منح ابناء المنطقة فرصا حقيقية للمشاركة في القرار المحلي، وقطع الطريق امام الاطروحات التي تزعم غياب التمثيلية او التهميش. وفي ذات السياق، انشأ الملك “المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية” كمؤسسة وطنية تعنى بقضية الصحراء، وتعبر عن صوت ساكنتها في مختلف المحافل الوطنية والدولية.
خطابات العرش والبرلمان شكلت بدورها مناسبات متكررة اكد فيها الملك على ان قضية الصحراء هي “المنظار الذي ينظر المغرب من خلاله الى العالم”، مشددا على ان الشراكات الاقتصادية والسياسية للمغرب ستكون مرهونة بوضوح مواقف الدول من هذه القضية. وهذا التحول اعاد توجيه السياسة الخارجية نحو منطق اكثر حزما، حيث اصبح دعم مغربية الصحراء شرطا صريحا لتوطيد العلاقات مع الرباط.
ولعل ابرز انجازات هذا النهج الملكي، هو الاعتراف الامريكي التاريخي بسيادة المغرب على صحرائه، وفتح قنصليات لعدد من الدول في العيون والداخلة، مما يكرس الاعتراف الدولي الواقعي بوجود سلطة مغربية مستقرة ومؤسسات فاعلة في المنطقة.
ان ما يميز مقاربة الملك محمد السادس لقضية الصحراء هو تكامل الابعاد: دبلوماسية هجومية، تنمية اقتصادية، تعبئة مؤسساتية، واستثمار ذكي في الشرعية التاريخية والواقعية الجيوسياسية. وهي مقاربة اثبتت فعاليتها، بعدما تحولت الصحراء من ملف نزاع الى نموذج للاستقرار والنمو، ومن عبء سياسي الى رافعة استراتيجية للمغرب في علاقاته الاقليمية والدولية.
وبذلك، يظل الملك محمد السادس، بما راكمه من نضج دبلوماسي وبعد استراتيجي، قائدا محوريا في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية، وضامنا لرؤية واقعية تزاوج بين صلابة الموقف المغربي ومرونة التفاوض ضمن اطار السيادة الوطنية.