قمة بوتين وشي.. ملامح سياسات دولية جديدة قيد التشكل

تستعد الساحة الدولية لواحدة من اهم القمم السياسية في السنوات الاخيرة، حيث يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ بمشاركة قادة من دول صاعدة مثل الهند وايران. هذه القمة التي توصف بالتاريخية تأتي في ظرفية عالمية شديدة التعقيد، وسط صراع مفتوح بين الغرب وتحالفات جديدة تبحث عن صياغة نظام متعدد الاقطاب.
روسيا التي تواجه ضغوطا اقتصادية وعزلة دبلوماسية بسبب حرب اوكرانيا تسعى الى ترسيخ محور استراتيجي مع قوى صاعدة، خاصة الصين التي تخوض بدورها مواجهة اقتصادية وتكنولوجية مع الولايات المتحدة. من هنا تبرز هذه القمة كمنبر لإظهار القدرة على خلق توازن جديد في موازين القوى العالمية.
الهند التي تعتبر من اكبر الاقتصادات الصاعدة، وايران التي تسعى لتعزيز نفوذها الاقليمي، تنظران الى هذا اللقاء باعتباره فرصة لتقوية مواقعها على الساحة الدولية، سواء في ما يتعلق بالطاقة او بخطوط التجارة او بالتحالفات العسكرية.
القمة ستناقش حتما قضايا مرتبطة بالطاقة والتكنولوجيا وسلاسل الامداد، وهو ما قد يؤدي الى إعادة توجيه جزء من الاستثمارات العالمية نحو فضاءات جديدة بعيدا عن هيمنة الغرب التقليدي. في ظل التقارب الروسي الصيني، يمكن ان تتشكل تكتلات اقتصادية ضخمة لها القدرة على منافسة الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة.
التحالف المرتقب بين هذه القوى قد يعيد ترتيب اولويات الامن الدولي. فمن خلال تنسيق المواقف بشأن النزاعات الاقليمية او امن الممرات البحرية، سيكون لهذا المحور اثر مباشر على الاستقرار العالمي. كما ان تعاظم التعاون العسكري والتكنولوجي بين روسيا والصين قد يغير ميزان الردع الاستراتيجي على مستوى السلاح والفضاء السيبراني.
القمة المرتقبة ليست مجرد لقاء دبلوماسي عابر، بل مؤشر واضح على بداية تحول جذري في شكل النظام الدولي. نظام قد يتجاوز الثنائية القطبية القديمة بين واشنطن وموسكو، ليؤسس لتعددية جديدة تقودها قوى صاعدة. في عالم يعيش تغيرات متسارعة، ستشكل هذه القمة نقطة ارتكاز لرسم معالم مرحلة جديدة من العلاقات الدولية، عنوانها الابرز نهاية الهيمنة المنفردة وبداية البحث عن توازنات اكثر تعقيدا وتداخلا.




