الهيدروجين الأخضر: المغرب في طليعة الدول الإفريقية الواعدة وفقًا لمؤسسة H2Global الألمانية

بفضل استراتيجية وطنية محكمة، ومشاريع ملموسة، ومؤهلات طبيعية استثنائية، بات المغرب من أكثر البلدان الإفريقية تقدمًا في مجال تطوير الهيدروجين الأخضر، وفقًا لما أوردته مؤسسة H2Global Stiftung الألمانية في دراسة حديثة سلطت الضوء على الدول السبعة الأكثر قدرة على قيادة هذا القطاع الواعد في القارة
موارد طبيعية وخطة استراتيجية واضحة
يمتلك المغرب إمكانيات كبيرة في مجال الطاقات المتجددة، فضلًا عن توفره على الماء العذب ومياه البحر، وهي عناصر حاسمة لإنتاج الهيدروجين عبر عملية التحليل الكهربائي. لكن المؤسسة تؤكد أن الموقع الجغرافي وحده لا يكفي، حيث لعبت الرؤية الاستراتيجية للمملكة، بتوجيهات ملكية، دورًا محوريًا في رسم ملامح هذا التوجه الجديد.
وفي هذا السياق، كشفت الحكومة المغربية في مارس 2024 عن عرض وطني متكامل للهيدروجين الأخضر يشمل سلسلة القيم بأكملها، ويهدف إلى استقطاب الاستثمارات وفق نموذج تنافسي ومستدام.
مشاريع ضخمة واستثمارات قياسية
في المرحلة الأولى من الاستراتيجية، تم تخصيص مليون هكتار لإطلاق المشاريع، منها 300 ألف هكتار حُدّدت فعليًا لمبادرات ذات قيمة مضافة عالية. وتم اختيار خمسة مستثمرين مغاربة وأجانب لتطوير ستة مشاريع كبرى في الأقاليم الجنوبية، باستثمارات إجمالية تُقدّر بـ319 مليار درهم، تهم إنتاج الأمونياك، الوقود الصناعي، والفولاذ الأخضر.
سوق محلية واعدة وقدرة تصديرية قوية
أشادت مؤسسة H2Global أيضًا بوجود طلب صناعي محلي يشجع على بناء سوق داخلية للهيدروجين الأخضر، خاصة في قطاعات مثل الأسمدة، صناعة الحديد، والتعدين. كما يُشكل توفر البنيات التحتية المينائية وولوج البحر نقطة قوة كبيرة، حيث يتوفر المغرب على محطات مهيأة لتصدير الأمونياك، في حين تفتقر بلدان أخرى كناميبيا وكينيا إلى هذه الإمكانيات.
تحديات وإصلاحات مطلوبة لضمان النجاح
ورغم هذا التقدم، شددت المؤسسة الألمانية على ضرورة تحسين الإطار القانوني والمؤسساتي، من خلال إحداث شبابيك موحدة، وتبسيط الإجراءات، وتقليص آجال الموافقة على المشاريع، ما من شأنه تسريع وتيرة التنفيذ وضمان استقرار الاستثمار.
كما دعت إلى تشجيع الاستهلاك المحلي عبر دعم القطاعات ذات الاستهلاك المرتفع، ووضع آليات مالية محفّزة كعقود الفروقات، والحصص الإجبارية، والصكوك التمويلية. وتم التأكيد على أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتمويل البنية التحتية الحيوية من أنابيب، وشبكات كهرباء، ومحطات تحلية المياه.
العنصر البشري في قلب النموذج الأخضر
وفي الختام، اعتبرت مؤسسة H2Global أن نجاح مشاريع الهيدروجين الأخضر في المغرب يمر أيضًا عبر تأهيل الكفاءات المحلية. لذلك أوصت بإطلاق برامج تكوين مخصصة لضمان توفر اليد العاملة المؤهلة التي تحتاجها هذه المشاريع، وربط التنمية الصناعية بالطاقة النظيفة بشكل مستدام وفعّال.
بهذا التموقع المتقدم، يبدو أن المغرب لا يسير فقط نحو مستقبل طاقي نظيف، بل يضع أسس اقتصاد أخضر تنافسي يجعل منه لاعبًا إقليميًا رائدًا في الهيدروجين الأخضر.