
تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الآونة الأخيرة تداعيات متسارعة لأزمة المناخ، حيث تسجل درجات الحرارة مستويات قياسية غير مسبوقة، في مشهد يعكس تغيرات مناخية عميقة لم يختبرها البشر بهذا النطاق من قبل. هذه الظاهرة باتت تضغط بشدة على النظم البيئية والحياة اليومية للسكان، وسط تحذيرات من أن موجات الحر قد تتحول إلى حالة متكررة تتجاوز كونها حدثا موسميا عابرا
في العراق، وصلت درجات الحرارة إلى نحو 48 درجة مئوية في العاصمة بغداد، مما شكل ضغطا إضافيا على البنية التحتية والخدمات العامة، خاصة مع تزايد الطلب على الكهرباء والمياه. أما في لبنان، فقد اندلعت حرائق واسعة في غابات منطقة القبيات بعكار، التهمت مساحات شاسعة من الأشجار، وهددت مناطق سكنية، فيما تسعى فرق الإطفاء لاحتواء النيران رغم الظروف الجوية الصعبة
الوضع في سوريا لم يكن أفضل حالا، إذ شهدت محافظة حماة اندلاع حرائق كبيرة امتدت إلى مساحات واسعة، وسط جهود مكثفة لاحتوائها ومنع انتشارها إلى مناطق جديدة. وفي المغرب، سجلت منطقة شفشاون حرائق غابوية أتت على مساحات واسعة من الغطاء النباتي، مما أثار قلقا حول تأثيرات هذه الكوارث على التنوع البيولوجي والاقتصاد المحلي الذي يعتمد على الموارد الطبيعية والسياحة البيئية
تحذر الأوساط العلمية من أن استمرار هذه الاتجاهات قد يجعل موجات الحر أكثر شدة وتواترا في المستقبل، مع ما تحمله من آثار على الصحة العامة، والزراعة، وإمدادات المياه، واستقرار النظم البيئية. ويرى الخبراء أن التكيف مع هذا الواقع الجديد يتطلب خططا وطنية وإقليمية عاجلة، تشمل تعزيز أنظمة الإنذار المبكر، وتحسين إدارة الموارد المائية، وحماية الغابات، إضافة إلى نشر الوعي العام حول سبل الوقاية الصحية خلال فترات ارتفاع درجات الحرارة
أمام هذه المؤشرات المقلقة، يظل السؤال المطروح هو مدى قدرة دول المنطقة على مواجهة هذه التحديات المناخية المعقدة، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية والسياسية القائمة، وما إذا كانت ستنجح في تحويل أزمة المناخ إلى حافز لتبني سياسات أكثر استدامة تحمي الإنسان والبيئة على حد سواء