
في خطوة تؤكد التحول العميق في التموقع الاستراتيجي للمغرب داخل افريقيا، كشفت تقارير اعلامية عن تفاصيل مبادرة جوية اقليمية قادها المغرب، بهدف انشاء شركة نقل جوي تربط بين العواصم الداخلية لدول الساحل، خاصة النيجر ومالي وبوركينا فاسو، وبين الموانئ والمطارات المغربية.هذه الخطوة تندرج ضمن الرؤية الملكية المتمثلة في مبادرة الاطلسي، التي تهدف إلى تمكين الدول غير الساحلية من منفذ بحري عبر التراب المغربي، ما يعزز من مكانة المملكة كنقطة ربط محورية في القارة، ويرسخ بعدها الجيوسياسي كمعبر تجاري وتنموي نحو افريقيا جنوب الصحراء.وتأتي هذه المبادرة بعد طلب رسمي من جمهورية النيجر إلى المغرب لدعم جهودها في احياء شركة طيران وطنية جديدة، عقب انهيار شركة النيجر للطيران منذ عامين. وقد جرى الاتفاق على توسيع آفاق التعاون في مجال النقل الجوي، خلال لقاء جمع وزير النقل المغربي عبد الصمد قيوح بنظيره النيجري في الرباط، حيث تم طرح تصور مشترك لناقل جوي وطني يؤمن الربط الداخلي والخارجي لمدن النيجر، ويعزز انفتاحها على الفضاء الاقليمي والدولي.ويعول الجانب النيجري على التجربة المغربية الرائدة في مجال الملاحة الجوية وادارة المطارات، خاصة مع تراكم الخبرة لدى الخطوط الملكية المغربية، وتحول مطاري الدار البيضاء ومراكش إلى منصتين محوريتين في النقل الافريقي، ما يجعل المغرب شريكا موثوقا لتجسيد هذا الطموح المشترك.ورغم التحديات التي تواجه المشروع، من قبيل ضعف التمويل وضيق السوق وارتفاع التكاليف التشغيلية، يرى المتتبعون في المبادرة المغربية خطوة سيادية حقيقية لإرساء نفوذ جوي متجدد في منطقة الساحل، وتحقيق تكامل اقتصادي اقليمي، خاصة مع تراجع الحضور الفرنسي وتوقف خطوط جوية دولية عن النشاط.هذا التحول ليس مجرد مشروع نقل، بل يمثل ادماجا استراتيجيا متقدما للدول غير الساحلية في المنظومة الاقتصادية العالمية، عبر نافذة مغربية مفتوحة على الاطلسي. المغرب يثبت مجددا انه فاعل اقليمي برؤية بعيدة المدى، يعتمد التعاون جنوب جنوب، ويراهن على البنية التحتية والربط الجوي كرافعة للتكامل والتنمية في افريقيا.




