ما وراء الخط: رحلة إلى قلب المشروع المغربي في الصحراء المغربية

في قلب الصحراء المغربية تنبض اليوم حكاية مختلفة عن الصورة النمطية التي ارتبطت لعقود بهذه الرقعة الغنية بالامكانات الطبيعية والانسانية. لم تعد الصحراء فضاء قاحلا يعبره المسافرون، بل تحولت إلى ورش تنموي مفتوح يعكس إرادة سياسية قوية ورؤية استراتيجية بعيدة المدى جعلت من هذه الارض جزءا فاعلا في دينامية التنمية الوطنية.
منذ استرجاع الاقاليم الجنوبية سنة 1975، اعتمد المغرب سياسة واضحة تقوم على دمج الصحراء في المسار التنموي الشامل، فتم اطلاق استثمارات ضخمة في البنية التحتية من طرق وموانئ ومطارات، إضافة إلى مشاريع الطاقات المتجددة والبرامج الاجتماعية الموجهة للشباب والمرأة. هذه الدينامية جعلت مدنا مثل العيون والداخلة تتحول إلى مراكز حضرية حديثة تستقطب المؤتمرات الدولية والملتقيات الاقتصادية والرياضية.
مدينة الداخلة مثلا صارت نموذجا لمدينة متوسطية افريقية تطل على المحيط، تحتضن مشاريع كبرى في مجال الصيد البحري وتربية الاحياء المائية، إلى جانب كونها وجهة عالمية لرياضات البحر. أما العيون فقد رسخت مكانتها كحاضرة اقتصادية واجتماعية متكاملة بفضل بنيتها التحتية الحديثة ومؤسساتها الادارية والجامعية.
هذه الانجازات ليست فقط مؤشرات على نجاح النموذج التنموي، بل هي دليل ملموس على ارتباط هذه الاقاليم بالوحدة الترابية للمغرب. فالمواطنون في الصحراء يستفيدون من نفس السياسات العمومية ويتمتعون بنفس الحقوق، كما يساهمون بفعالية في الاقتصاد الوطني.
المغرب اليوم لا يكتفي بالدفاع السياسي عن صحرائه بل يقدم للعالم واقعا على الارض يؤكد مغربية الصحراء. مدن تنبض بالحياة، شباب يصنع المستقبل، مشاريع استراتيجية تعزز مكانة البلاد اقليميا ودوليا. وهكذا تتحول الصحراء من مجال للنزاع المفتعل إلى فضاء للتنمية والتعايش، يبرهن مرة أخرى أن الاقاليم الجنوبية جزء لا يتجزأ من الوطن.




