الجزائر تُصعّد ترحيل المهاجرين الأفارقة وتغرق حدود النيجر في أزمة إنسانية ودبلوماسية

تواصل السلطات الجزائرية تصعيد عمليات الترحيل القسري للمهاجرين المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء نحو النيجر، وسط تصاعد التوترات السياسية مع دول الساحل، خصوصًا النيجر ومالي وبوركينا فاسو. هذه السياسة أثارت سخط المسؤولين النيجريين ومنظمات إنسانية، ووصفت بأنها “منافية لأبسط معايير الكرامة الإنسانية”.
أكثر من 6 آلاف مُرحّل في شهر واحد
بحسب تصريحات الجنرال إبراهيم بولهامه عيسى، والي منطقة أغاديز شمال النيجر، فقد شهد شهر أبريل الماضي “موجة غير مسبوقة” من الطرد الجماعي للمهاجرين من الجزائر نحو منطقة أساماكا الحدودية. وأوضح أن هذه العمليات تهدد التوازن الاجتماعي الهش في المنطقة، في ظل ضعف الإمكانيات اللوجستية ومحدودية مراكز الاستقبال.
خلال شهر أبريل وحده، تم ترحيل أكثر من 6.000 شخص، وهو رقم يوازي تقريبًا ما تم تسجيله خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة (7.222 مهاجرًا)، ما يدل على تصعيد حاد ومتعمد من طرف الجزائر.
ترحيل عشوائي وترك نساء وأطفال في الصحراء
وكشفت وكالة الأنباء الإسبانية EFE أن الجزائر قامت مؤخرًا بترحيل 1.141 مهاجرًا إلى نقطة “صفر”، وهي منطقة صحراوية تقع على بُعد 15 كيلومتراً من أساماكا، وتُركوا دون ماء أو غذاء، من بينهم 41 امرأة و12 طفلًا. وتؤكد منظمة Alarme Phone Sahara أن بعض هؤلاء كان يحمل وثائق إقامة أو تصاريح عمل قانونية في الجزائر.
شهادات صادمة تحدثت عن حالات عنف وسوء معاملة أثناء عمليات الطرد، فيما أفادت تقارير بأن بعض المرحّلين لقوا حتفهم وهم يحاولون العودة سيرًا على الأقدام عبر الصحراء.
انتهاك صارخ للاتفاقيات الدولية
تُعد هذه الممارسات خرقًا مباشرًا للمواثيق الدولية الخاصة بحقوق المهاجرين، التي التزمت بها الجزائر. منظمات غير حكومية ومصادر حكومية نيجيرية نددت بـ**”الطابع الممنهج والإذلالي”** لهذه العمليات، داعية المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل.
خلفيات سياسية: عقاب للنيجر ومناورة ضد مشروع الغاز
سياسيًا، تتزامن هذه الترحيلات مع أزمة دبلوماسية متفاقمة بين الجزائر ودول الساحل، خاصة بعد حادثة إسقاط طائرة مسيّرة تابعة للجيش المالي داخل الأراضي المالية من طرف الدفاع الجوي الجزائري، ما دفع النيجر ومالي وبوركينا فاسو إلى سحب سفرائها من الجزائر.
ويرى مراقبون أن الجزائر تستغل ملف الهجرة كورقة ضغط سياسية، خصوصًا بعد إعلان النيجر تعليق الدراسات التقنية لمشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، الذي كان يفترض أن يربط نيجيريا بأوروبا عبر الجزائر.
أزمة إنسانية تهدد الاستقرار الإقليمي
في خضم هذه الأزمة، امتلأت مراكز الاستقبال التابعة لمنظمة الهجرة الدولية بالنيجر عن آخرها، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية في شمال البلاد. وقد دعا وزير الداخلية النيجري، الجنرال محمد تومبا، المنظمات الدولية إلى تسريع ترحيل هؤلاء المهاجرين إلى بلدانهم الأصلية، محذرًا من انفجار اجتماعي مرتقب إذا استمرت الجزائر في هذه السياسات التعسفية.
ويُظهر هذا التصعيد أن الجزائر لم تعد تفصل بين سياساتها الأمنية الداخلية وحساباتها الجيوسياسية في المنطقة، ما يضع مستقبل التعاون الإقليمي أمام تحديات غير مسبوقة، ويجعل من ملف الهجرة رهينة تجاذبات سياسية تهدد حياة آلاف الأبرياء.