المغرب

يونس السكوري وملف حراس الأمن.. إلى متى تظل “سنتدارس” بديلاً عن القرار؟

كلما طُرح ملف حراس الأمن الخاص على طاولة النقاش، خرج الوزير يونس السكوري بعبارته المعتادة: “نحن بصدد مراجعة مجموعة من الأمور لرفع الحيف.” جملة تبدو وكأنها محاولة لشراء الوقت أكثر مما هي التزام حقيقي بحل واحد من أكثر الملفات إلحاحاً في سوق الشغل المغربي. لكن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: ماذا لو وجد الوزير نفسه في موقع هؤلاء العمال الذين يقضون 12 ساعة متواصلة تحت المطر والبرد، مقابل أجر يتراوح بين 2000 و2500 درهم؟ هل كان سيكتفي بدوره بترديد نفس العبارة الباردة: “سنتدارس المسألة”؟

حراس الأمن الخاص هم الفئة الأكثر هشاشة في سوق الشغل، رغم أنهم في الواجهة الأولى لعدد من المؤسسات العمومية والخاصة. يعملون لساعات طويلة تتجاوز في كثير من الأحيان ما تنص عليه مدونة الشغل، دون راحة كافية، ودون تغطية اجتماعية محترمة، ودون الأجر الذي يمكن أن يُسمى أجراً في بلد ترتفع فيه كلفة الحياة بشكل صاروخي. هؤلاء لا يطالبون امتيازات ولا تعويضات خيالية، بل يطالبون فقط بحقوقهم الأساسية: ساعات عمل إنسانية، أجر يحفظ الكرامة، واحترام قانون الشغل كما هو مكتوب وليس كما تريد الشركات المتوحشة تطبيقه.

إن تعليق هذا الملف تحت شماعة “سنتدارس” هو في حد ذاته إهانة لهذه الفئة. فالوزير لا يمكنه أن يتحدث عن إصلاح سوق الشغل بينما يترك الآلاف يعملون في ظروف استغلالية بشعة تحت مسؤولية شركات لا تعرف سوى منطق الربح. واذا كان السكوري يعتبر أن “الوقت لا يسمح” أو أن “المسألة تحتاج نقاشاً أعمق”، فالمشكل الحقيقي هنا هو غياب الجرأة السياسية لاتخاذ قرار واضح: فرض احترام مدونة الشغل، وضع حد للساعات الطويلة، تحديد أجر لا يقل عن السميك فعلياً وليس على الورق، ومراقبة الشركات التي تبني أرباحها على تعب العمال وفقرهم.

حراس الأمن الخاص لا يطلبون إحساناً من أحد، بل يطلبون حقاً يكفله الدستور والقانون. ووزير التشغيل ليس وسيطاً بين شركات الاستغلال والعمال، بل هو المسؤول الأول عن فرض شروط عمل تحفظ الكرامة، لا أن يكتفي بإعادة نفس الجملة المعلبة التي لم تعد تقنع أحداً.

إن الملف لم يعد يحتمل الانتظار، ولا يتطلب “تدارساً” جديداً. يتطلب قراراً سياسياً شجاعاً: رفع الحيف الآن، وليس غداً. لأن الموظف الذي يقضي نصف يومه واقفاً في البرد لا يملك رفاهية الانتظار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى