المغرب

الأطفال المشردون: مأساة في العراء ومسؤولية ضائعة

عادت ظاهرة الأطفال المشردين لتتصدر المشهد الاجتماعي وهذه المرة من مدينة الرباط، بعد رصد عدسات المصورين لأطفال يبيتون في العراء، بلا مأوى أو حماية، معرضين أنفسهم لمخاطر البرد والجوع والانتهاكات. المشهد يبعث على القلق ويطرح سؤالًا محوريًا: من يتحمل مسؤولية هؤلاء الأطفال؟

ظاهرة الأطفال المشردين ليست وليدة اليوم، بل هي نتيجة تراكم أزمات اجتماعية واقتصادية، تشمل الفقر المدقع، التفكك الأسري، والهشاشة المجتمعية. الأطفال الذين نراهم في الشوارع غالبًا ما ينحدرون من أسر تواجه صعوبات اقتصادية جسيمة، أو فقدوا سبل الرعاية والتعليم، ما يجعلهم أكثر عرضة للاستغلال والاستغلال الجنسي والعمل القسري.

المسؤولية مشتركة بين عدة جهات:

الأسرة والمحيط المباشر: تقع على عاتق الأسرة مسؤولية حماية الطفل، وتأمين احتياجاته الأساسية، سواء كانت مادية أو عاطفية.

السلطات المحلية والدولة: تتحمل الدولة مسؤولية توفير شبكة حماية اجتماعية قوية، تشمل مراكز للإيواء، برامج تعليمية، ودعم مالي للأسر الأكثر هشاشة. غياب هذه السياسات يجعل الأطفال فريسة للشارع بلا أي أمان.

المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية: لها دور مكمل في رصد الظاهرة، تقديم الدعم العاجل للأطفال، والمساهمة في إعادة إدماجهم ضمن المجتمع وتعليمهم.

إن استمرار بقاء الأطفال في العراء ليس مجرد فشل فردي أو أسري، بل إخفاق مؤسساتي متكامل يبرز هشاشة السياسات الاجتماعية وحاجة المغرب إلى استراتيجيات أكثر فعالية لحماية الطفولة. توفير مأوى، تعليم، ورعاية صحية للأطفال المشردين يجب أن يكون أولوية قصوى، قبل أن تتحول المأساة إلى ظاهرة أوسع تؤثر على مستقبل المدينة والمجتمع بأسره.

في النهاية، الأطفال ليسوا مجرد أرقام أو مشاهد مؤلمة، بل هم مستقبل المجتمع ومرآة إنسانيته. مسؤولية حمايتهم تقع على الجميع: أسرة، دولة، ومجتمع مدني، ولا يمكن لأي جهة التملص منها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى