المغرب

رشيد حموني يفضح جشع المصحات الخاصة: أرواح المواطنين ليست سلعة

أعاد تصريح رئيس الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكية، رشيد حموني، النقاش حول جشع بعض المصحات الخاصة التي حولت الطب من رسالة إنسانية إلى مشروع تجاري ضخم قائم على الربح السريع واستنزاف صناديق التغطية الصحية.

حموني، خلال مناقشة ميزانية وزارة الصحة، كشف أن هناك مصحات في المغرب تجري عمليات جراحية لأشخاص أصحاء، فقط من أجل تحصيل التعويضات المالية من صناديق التأمين، متهما إياها باستغلال مواطنين أبرياء عبر واجهات جمعوية مشبوهة تعلن عن “عمليات مجانية” في ظاهرها، لكنها تخفي خلفها حسابات مالية ضخمة.

هذا التصريح الخطير، الذي أكد النائب أنه يملك لوائح تثبته، يضع الأصبع على واحدة من أكثر الظواهر خطورة في المنظومة الصحية: المتاجرة في صحة الإنسان. فحين تتحول غرف العمليات إلى سوق، وتصبح الفواتير أهم من التشخيص، تضيع القيم الأخلاقية التي بنيت عليها مهنة الطب منذ قرون.

واقع المصحات الخاصة بالمغرب لم يعد خافيا على أحد. فبين الفواتير المنتفخة، وإجبار المرضى على اقتناء أدوية أو خدمات غير ضرورية، ورفض استقبال الحالات المستعجلة إلا بعد ضمانات مالية، تتكشف يوما بعد يوم صورة قاتمة عن قطاع كان يفترض أن يكون سندا للمنظومة العمومية المنهكة، لا عبئا إضافيا عليها.

تصريحات حموني تضع الحكومة أمام مسؤولية كبرى: فرض مراقبة صارمة على هذه المؤسسات ومراجعة طرق صرف التعويضات، خصوصا في ظل ما يُثار من شبهات حول تواطؤ بعض الإدارات أو غياب المراقبة الدقيقة. فالأموال التي تهدر ليست مجرد أرقام في دفاتر الحسابات، بل هي حق المرضى في الدواء والعلاج والحياة الكريمة.

حين يقول حموني إن “المواطنين ليسوا زبناء بل أرواح تحتاج العناية”، فهو يلخص مأساة قطاع صحي اختلطت فيه الإنسانية بالتجارة، وتحولت فيه غرفة الإنعاش إلى ماكينة نقدية لا تعرف سوى لغة الربح.
وما لم تفتح ملفات الفساد الصحي بشجاعة، فإن المغرب سيستمر في إنتاج مرضى جدد، لا من جسدهم، بل من نظام صحي يستهلك نفسه باسم الطب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى