المغربصفرو

صفرو.. القضاء يطيح بشبكة تزوير ويكشف خيوط التهرب الضريبي

أصدرت المحكمة الابتدائية بصفرو حكما في واحدة من القضايا التي تعكس تشعب ملفات الفساد الإداري والمالي بالمغرب، والمتعلقة بتزوير وثائق ورشوة واستعمالها في التهرب الضريبي.

القضية التي شغلت الرأي العام المحلي انتهت بتبرئة ثمانية أشخاص، فيما أدين ثلاثة آخرون بتهم تتعلق بتقديم وثائق وهمية واستعمالها في أغراض غير قانونية. وحكمت المحكمة على المتهم الأول بستة أشهر موقوفة التنفيذ وغرامة مالية، بينما قضت بسنة ونصف حبسا نافذا وغرامة مالية في حق اثنين آخرين.

ورغم أن الحكم شكل خطوة نحو إنصاف بعض المتابعين، إلا أنه كشف أيضا عن عمق الاختلالات التي تسمح بتمرير وثائق مزورة واستعمالها للتحايل على الضرائب، في وقت يشهد فيه الشارع المغربي تنامي الدعوات لمحاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة.

ملف صفرو ليس سوى حلقة ضمن سلسلة من القضايا التي تبرز كيف يُستغل النظام الإداري والمالي في بعض المناطق للتحايل على القانون وتبييض الأرباح بطرق ملتوية. فبين أوراش وهمية وفواتير مزيفة ومقاولات صورية، تتسرب أموال ضخمة كان يفترض أن تذهب إلى خزينة الدولة أو إلى تحسين الخدمات العمومية.

وتعيد هذه القضية إلى الواجهة السؤال الكبير حول جدية محاربة الفساد في مستوياته المحلية، خصوصا حين يتعلق الأمر بتواطؤ إداري أو تهاون في المراقبة الجبائية. فالقضاء، مهما أصدر من أحكام، يظل الحلقة الأخيرة في سلسلة تبدأ من غياب الشفافية وتغيب عنها آليات الرقابة الاستباقية.

صفرو اليوم ليست مجرد مدينة صغيرة شهدت حكما في قضية تزوير، بل نموذج مصغر لواقع يعانيه المغرب في مجالات عدة، حيث تتشابك المصالح وتتقاطع النفوذ لتتحول وثيقة مزيفة إلى وسيلة للاغتناء غير المشروع.

ويبقى السؤال مفتوحا: كم من ورشة وهمية وفاتورة مزورة ما زالت تمر دون أن تصل إلى ردهات المحاكم؟ وكم من مسؤول يتغاضى عن ذلك باسم “المجاملة الإدارية” أو “التعليمات”؟

الجواب تعرفه الملفات المغلقة في الأدراج، وتنتظره العدالة التي، رغم كل الضغوط، لا تزال تصر على أن لا أحد فوق القانون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى