
فتحت السلطات القضائية بمدينة فاس تحقيقا مع قاضية سابقة جرى عزلها من منصبها في وقت سابق، وذلك بعد تورطها في قضية تتعلق بإصدار شيكين بدون رصيد بلغت قيمتهما الإجمالية 28 مليون سنتيم.
القضية أثارت اهتماما واسعا بالنظر إلى حساسية موقع القاضية السابق، وما يفترض أن يرافقه من التزام بالقانون وضبط السلوك المالي والشخصي. غير أن سقوطها في هذا النوع من الملفات يسلط الضوء على واحدة من المعضلات المزمنة داخل الجسم القضائي، وهي تلك المتعلقة بالنزاهة والثقة.
من الناحية القانونية، يعتبر إصدار شيكات بدون رصيد جنحة يعاقب عليها القانون التجاري والجنائي في المغرب، حيث تسعى الدولة منذ سنوات إلى تقليص هذه الممارسات لما تسببه من أضرار اقتصادية ومالية تهدد الثقة في المعاملات التجارية. لكن عندما يتعلق الأمر بشخصية قضائية سابقة، فإن وقع الفعل يكون مضاعفا لأنه يهز صورة العدالة نفسها.
المتابعة الحالية يمكن قراءتها في سياق أوسع، يرتبط بعملية تخليق الحياة العامة التي تشدد عليها الدولة منذ مدة، خصوصا في قطاع حساس كالقضاء. فإذا كان المواطن العادي معرضا للمتابعة في قضايا الشيكات، فإن المحاسبة تكون أشد حينما يتعلق الأمر بمن يفترض أنهم كانوا حماة القانون.
هذا الملف يبرز أيضا أن العزل من المنصب لا يعني نهاية المسؤولية، بل قد يشكل بداية لكشف ملفات أعمق، خصوصا إذا تبين أن المعنية بالأمر راكمت التزامات مالية أو معاملات مشبوهة خلال فترة عملها أو بعدها.
القضية ما زالت قيد التحقيق، ومن المنتظر أن تكشف الأيام المقبلة عن معطيات إضافية ستحدد ما إذا كان الأمر مجرد تعثر مالي شخصي أم أنه مرتبط بشبكة علاقات مالية أكبر قد تفتح أبواب مساءلات جديدة.