
تشهد مدينة صفرو، رغم ما تتميز به من تاريخ عريق وطبيعة خلابة، ازمة اجتماعية واقتصادية خانقة القت بظلالها الثقيلة على فئة الشباب. هؤلاء يجدون انفسهم اليوم عالقين بين مطرقة البطالة وسندان غياب الاستثمارات. فالمصانع شبه غائبة، والمشاريع الكبرى نادرة، الامر الذي يجعل سوق الشغل محدودا وفرص العيش الكريم قليلة، فيضطر الكثيرون الى الهجرة او الاستسلام لواقع الاحباط.
يجمع شباب المنطقة على ان الفرص الاقتصادية ضيقة، اذ لا يتجاوز النشاط المحلي بعض المهن الصغيرة والفلاحة التقليدية، التي لم تعد قادرة على استيعاب الكم الكبير من الخريجين وحاملي الشهادات. ومع غياب دعم فعلي للمبادرات الذاتية، ووجود عراقيل ادارية وبيروقراطية امام المقاولات الصغرى، يزداد الوضع تعقيدا.
وتشير شهادات عديدة الى ان البطالة اصبحت عاملا اساسيا في انتشار الياس وفقدان الامل بين الشباب. فلم يعد المستقبل في نظر الكثيرين سوى افق مسدود، مما يدفع البعض الى التفكير في ركوب امواج البحر نحو الحلم الاوروبي، ولو كان الثمن المخاطرة بالحياة. فالهجرة لم تعد خيارا فرديا، بل تحولت الى ظاهرة جماعية، تغذيها الحكايات اليومية عن نجاحات نسبية في الخارج، مقابل فشل جماعي في الداخل.
هذا الواقع يهدد بفقدان صفرو لطاقاتها الشابة، التي كان من المفترض ان تكون رافعة للتنمية المحلية. فالاحلام البسيطة لشبابها، بين وظيفة مستقرة او مشروع صغير، تضيع امام غياب بيئة اقتصادية جاذبة، مما يخلق حلقة مفرغة من التهميش والانتظار.
ويرى خبراء التنمية المحلية ان معالجة هذه الازمة يتطلب ارادة سياسية حقيقية، لتشجيع الاستثمار بالمنطقة عبر انشاء مناطق صناعية، وتطوير السياحة بشكل مستدام، ودعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، اضافة الى تكييف التكوين المهني مع حاجيات سوق الشغل. فصفرو تتوفر على مؤهلات طبيعية وثقافية، يمكن ان تجعلها مركز جذب اقتصادي لو احسن استغلالها.
ان شباب صفرو اليوم يرفعون رسالة واضحة: لا يريدون ان يكونوا وقودا للهجرة او ضحايا بطالة مزمنة، بل يطمحون الى فرص عادلة تمكنهم من العيش بكرامة في مدينتهم. فالهجرة ليست حلا، والبطالة ليست قدرا، وضياع الاحلام ليس خيارا، بل نتيجة مباشرة لغياب استراتيجيات تنموية قادرة على تحويل الامكانات الى واقع.




