قانون العقوبات البديلة بالمغرب: خطوة جديدة في مسار العدالة الجنائية

انطلقت في المغرب مرحلة جديدة مع دخول قانون العقوبات البديلة حيز التنفيذ يوم 22 غشت 2025، وهو قانون اعتبره مصطفى الرميد وزير العدل والحريات السابق محطة تاريخية في مسار إصلاح المنظومة الجنائية. القانون الجديد رقم 43.22 جاء ليضيف بعدا مغايرا في التعامل مع المخالفات والجنح، من خلال إقرار عقوبات بديلة تراعي الإصلاح أكثر مما تركز على الزجر وحده.
القانون يفتح الباب أمام تحويل العقوبة من السجن إلى بدائل عملية مثل العمل لأجل المنفعة العامة أو أداء الغرامات اليومية أو اعتماد برامج إعادة التأهيل. هذه الخطوة، وفق الرميد، تجسد نقلة نوعية في النظام القانوني المغربي وتنسجم مع ما تم تطبيقه في عدد من الدول الأوروبية والعربية التي سبقت إلى هذا التوجه.
لكن اعتماد العقوبات البديلة لا يتم بشكل اعتباطي، إذ يشترط توفر ضمانات دقيقة، أهمها موافقة المحكوم عليه، وقبول الضحية في حالة الغرامة اليومية، مع إشراف القضاء والنيابة العامة على مراحل التنفيذ. كما شدد القانون على ضرورة انخراط المؤسسات السجنية في تهيئة الظروف لتطبيق هذا التحول، حتى لا يتحول إلى منفذ للتهرب من العقاب.
ويرى الرميد أن هذا المسار يفرض أيضا تعبئة موازية، من خلال حملات توعية وتكوين الفاعلين القانونيين لضمان فهم واضح ودقيق لآليات تطبيق القانون. كما أشار إلى أن النقاش سيظل مفتوحا حول بعض الملاحظات المرتبطة بمدى ملاءمة استثناء بعض الجرائم الخطيرة مثل الإرهاب أو الاتجار الدولي بالمخدرات، بينما أدرجت جرائم أخرى أقل خطورة ضمن دائرة العقوبات البديلة.
القانون الجديد يأتي في سياق إصلاح شامل للعدالة الجنائية، ويعكس رغبة المغرب في تعزيز العدالة التصالحية، تقليص الاكتظاظ في السجون، وتحقيق توازن بين متطلبات الردع وضمان إعادة الإدماج الاجتماعي. غير أن نجاحه يظل رهينا بمدى التزام مختلف المؤسسات الرسمية والمدنية بتوفير الإمكانات المادية والبشرية، حتى يتحول إلى رافعة حقيقية لإصلاح العدالة الجنائية وإعادة الثقة في المنظومة القضائية.



