العالمالمغرب

الحرية المزيفة… كيف قوضت الثقافة الدخيلة الأسرة المغربية؟


في أقل من أسبوع، شهد المغرب سلسلة صادمة من جرائم العنف الأسري أودت بحياة ستة أشخاص، وهو رقم يفضح عمق أزمة القيم التي باتت تنخر المجتمع من الداخل. هذه الحوادث المأساوية ليست مجرد أخبار عابرة، بل هي ناقوس خطر يعلن أن بنيان الأسرة المغربية أصبح مهددا بفعل تراكمات خطيرة، في مقدمتها ضعف الوازع الديني، وتراجع الأخلاق، والتخلي عن منظومة القيم الأصيلة التي شكلت عبر الأجيال صمام أمان وحصنا متينا للمجتمع.

لقد تسللت إلى مجتمعنا ثقافات دخيلة وأنماط حياة غريبة عن بيئتنا وهويتنا، عبر الإعلام وشبكات التواصل، فزرعت في النفوس تناقضات حادة بين ما تربى عليه الناس من ثوابت وقيم، وبين ما يسوّق لهم اليوم على أنه “تفتح” و”تحضر”. هذا الانفصام القيمي خلق فراغا روحيا ومعنويا جعل كثيرين عرضة للانجرار نحو العنف، أو الانتحار، أو الانغماس في سلوكيات منحرفة تهدم الفرد والأسرة معا.

ومن أخطر ما يواجه مجتمعنا اليوم، تلك الفئة التي تطلق على نفسها اسم “المتحررين” أو “الحداثيين”، والذين في الحقيقة ساهموا في إدخال الخراب إلى البيوت المغربية. هؤلاء كانوا ولا يزالون السبب في ما وصلت إليه العديد من الأسر من تناقضات مؤلمة، تصل في أقصى صورها إلى القتل والعنف والخيانة، بل والدفع نحو الدعارة والانحلال الأخلاقي. تحت شعار الحرية الفردية، يتم إغراء الشباب والشابات بخطاب زائف، يزين لهم الانفلات من القيم، ويقودهم إلى مسارات مظلمة لا تحمد عقباها.

كما أن استهتار بعض هذه الفئات بالدين والاستهزاء بالمقدسات، واعتبار القيم الإسلامية والمغربية “قيودا” يجب التخلص منها، ساهم في تفكيك الروابط الأسرية وإضعاف سلطة الضمير، وهو ما أفرز حالات مأساوية باتت تتكرر بوتيرة مقلقة.

إن مواجهة هذا النزيف لا يمكن أن تتم فقط عبر القوانين والزجر، بل تستلزم عودة قوية وواعية لترسيخ القيم الإسلامية والمغربية الأصيلة، وإطلاق برامج وطنية للتربية على الأخلاق، ومبادرات مجتمعية تحيي الوازع الديني، وتحصن الأسرة من هذا الطوفان الثقافي الدخيل. فالمعركة اليوم لم تعد فقط ضد مظاهر العنف، بل ضد الجذور الفكرية والسلوكية التي تغذيه، وضد الخطابات الهدامة التي تلبس ثوب الحرية وهي في حقيقتها طريق إلى الفوضى والانهيار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى