
لا يمكن لأي مراقب موضوعي أن ينكر أن المغرب يعيش في السنوات الاخيرة على وقع محاولات متكررة لفرض أجندات دخيلة على المجتمع، تتعارض جذريا مع قيمه الدينية وثقافته التاريخية. ومن أخطر هذه المحاولات، تلك التي تسعى إلى تطبيع الشذوذ الجنسي تحت عناوين مضللة مثل “الحرية الفردية” و”الحقوق الكونية”.
المغرب، كدولة لها عمق اسلامي واضح وهوية ثقافية متجذرة، ظل دائما أرضا للكرامة والانضباط الاخلاقي، ولم يكن يوما قابلا للتطبيع مع سلوكات ترفضها جميع الاديان، وتستهجنها الفطرة السليمة. لكن ما نراه اليوم من محاولات تنظيم لقاءات في قلب العاصمة تحت يافطة “المنتدى السوسيولوجي العالمي”، وبحضور شبكات تروج للشذوذ، هو اشارة خطيرة الى حجم الاختراق الثقافي الذي يتعرض له المجتمع.
الغريب في الامر أن هذه الشبكات تقدم نفسها كمدافعة عن “حقوق الاقليات”، بينما هي في الواقع تتحرك وفق اجندة دولية تسعى الى تفكيك البنية الاخلاقية للمجتمعات المحافظة، وجعل الانحراف قاعدة بدلا من الاستثناء.
وفي سياق متصل، لا يمكن الحديث عن هذه الظواهر من دون التوقف عند الانهيار المتواصل في الذوق الفني العام، والذي ساهم فيه بشكل مباشر من يقدمون أنفسهم كـ”فنانين”، بينما لا يقدمون للجمهور سوى الابتذال والانحطاط، كما هو الحال مع اسم “طوطو” وأمثاله. هؤلاء لا يروجون فنا راقيا، بل يسوقون للانحراف والشتائم والعنف اللفظي، ويشكلون خطرا موازيا على وعي الناشئة مثلهم مثل دعاة الانحلال الاخلاقي.
المغاربة لم يكونوا يوما شعبا متشددا، لكنهم ايضا لم يكونوا شعبا بلا هوية. والذين يحاولون دفع البلاد نحو تقبل الشذوذ والانحطاط الفني انما يختبرون صبر هذا الشعب وحصانة الدولة. فقبول مثل هذه الافكار ليس مجرد مسألة رأي، بل هو مساس مباشر بعقيدة الامة واستقرارها القيمي.
الغاء اجتماع “السوسيولوجيين الشواذ” بالرباط مؤخرا لم يكن فقط قرارا اداريا، بل كان موقفا سياديا يعبر عن رفض واضح لتمرير هذه الاجندات المسمومة عبر بوابة “العلوم الاجتماعية”. وهو قرار يستحق الاشادة، لانه يعكس وعيا مؤسساتيا بخطورة المعركة الثقافية التي تدور في الخفاء.
الرهان اليوم هو على يقظة المجتمع، بكل مكوناته، لرفض محاولات شرعنة الشذوذ وتطبيع الانحلال تحت غطاء الحداثة. فالمجتمعات التي تفرط في هويتها الاخلاقية، تفقد توازنها وتدخل في دوامة من الانحرافات لا مخرج منها.
الامر لم يعد قضية هامشية، بل تحول الى معركة قيم. فاما أن نحمي نسيجنا المجتمعي، واما أن نتركه عرضة لانهيارات اخلاقية ستدفع الاجيال القادمة ثمنها غاليا.