المغرب

هل سيعجل تنامي ظاهرة العنف المدرسي في إلغاء مذكرة البستنة؟

نصيرة أزندور: متدربة

شهدت ساحات المؤسسات التعليمية في الأيام القليلة الماضية تنامي ظاهرة العنف المدرسي خاصة الإعتداءات النفسية والجسدية التي تلاحق الأطر التعليمية كما جرى في مدينة أرفود، حيث أقدم متدرب بمركز التكوين المهني بالمدينة على ضرب أستاذته بآلة حادة مما أسفر على إصابتها بجروح بليغة على مستوى الرأس، مما أدى إلى وفاتها بعد أسابيع من وقوع الحادث. الوقعة هزت مدينة أرفود وأثارت تعاطفا وسط الرأي العام. وفي واقعة أخرى تعرض مدير الثانوية التأهيلية الحسن الأول بسبت آيت رحو في إقليم خنيفرة لإعتداء شنيع بواسطة الحجارة من طرف تلميذ يتابع دراسته بالسلك الإعدادي مما تسبب في فقدانه للوعي وإصابته بجروح بليغة ونقله إلى المستشفى الإقليمي بمدينة خريبكة.
شكلت هاته الإعتداءات وقفة تأمل عن الأسباب الكامنة وراء تصاعدها، إذ ربط خبراء أن هاته الإعتداءات من طرف التلاميذ ناتجة عن مشاكل اجتماعية داخل الأسرة أو المحيط خاصة حين مرورهم بظروف قاسية تصعب قدرتهم في التحكم في ردود أفعالهم، وقد تكون نفسية كالحرمان من الأبوين، معاناتهم بمرض نفسي أو غياب التواصل داخل البيت أو الشارع إذ لا يجد التلميذ طريقة للتعبير فيتحول الغضب إلى عنف.
في حين ربط العديد من المحللين أن تصاعد ظاهرة العنف ناتجة عن محتويات مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يحاول التلميذ تطبيق ما يراه بعينه على أرض الواقع وتكون الضحية هما نساء ورجال التعليم وبالتالي أصبحت هاته الإعتداءات تشكل خطرا على سلامتهم. الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في الإصلاحات التي وضعتها وزارة التربية الوطنية وعلى رأسها “مذكرة البستنة” والتي فاقمت من تأزم الأوضاع. فهل تنامي ظاهرة العنف المدرسي سيعجل بإلغاء “مذكرة البستنة”؟
في ظل تصاعد الإعتداءات على الأطر التعليمية تتعالى الأصوات للمطالبة بإسقاط المذكرة الوزارية رقم 14/867 الصادرة بتاريخ 17 أكتوبر والتي تعرف ب “مذكرة البستنة” بكونها وثيقة تنظيمية تقيد الإجراءات التأديبية التي يمكن اتخاذها في حق التلاميذ المخالفين، حيث تنص المذكرة على ضرورة اعتماد مقاربة تربوية كتمكين التلاميذ بالمشاركة في أنشطة إدماجية مثل الأعمال البيئية وأعمال البستنة، وعلى الرغم من طابعها التربوي إلا أن العديد من الأساتذة اعتبروها عائقا حقيقيا لتنفيد العقوبات من طرف الأقسام التأديبية في حق سلوكات التلميذ اللاعقلانية داخل المؤسسات التعليمية.

وفي كل مرة ينضاف إطار تربوي إلى لائحة ضحايا العنف المدرسي من نساء ورجال التعليم تزداد معه مطالب بإلغاء المذكرة التي أدت إلى التساهل مع التلاميذ لأن العقوبات الواردة في المذكرة لا تجعل التلاميذ يفكرون في العواقب قبل الإقدام على أي سلوك يتعارض مع القانون الداخلي للمؤسسة.
الأمر الذي أدى إلى خوض إضراب وطني الأربعاء الماضي والذي دعت إليه النقابات الأكثر تمثيلية في قطاع التعليم للمطالبة بإلغاء المذكرة والتي وصفوها بالمذكرة المشؤومة، والتي من خلالها تصاعدت الإعتداءات التي لاحقت أسرة التربية الوطنية في الأيام الماضية.
ويتساءل العديد من الخبراء عن مدى استعادة مكانة الأستاذ الذي كان يعتبر سابقا رمزا للإحترام والوقار والآن أصبح عرضة للإهانة والإعتداء دون محاسبة في غياب قوانين تضمن كرامتهم وسلامتهم المهنية.
وفي تصريح لأحد الأساتذة -فضل عدم ذكر اسمه- أن مذكرة البستنة رغم طابعها الإنساني إلا أن تداعيتها فاقمت أوضاع النظام التعليمي، فكيف يعقل أن يعاقب التلميذ المشاغب عن طريق مكفأته بعمل يدخل في صميم الأنشطة الترفيهية والتربوية كالإهتمام بحديقة المؤسسة وأضاف أن هاته السلوكات تشجع التلاميذ لارتكاب أفعال التي تؤدي إلى الضرب والجرح في حق الأطر التعليمية وبالتالي فقدان المؤسسات التعليمية لسمعتها.
وفي تصريح آخر لأحد التلاميذ الغيورين على الوضع -فضل عدم ذكر اسمه- أن الإصلاحات التي قامت بها الوزارة بوضعها ل “مذكرة البستنة” بمثابة كسر حاجز الإحترام بين التلميذ والأستاذ، حيث أنه قال: “عمرنا سمعنا الأستاذ كياكل العصا” وفق تعبيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى