
إجراءات فرنسية صارمة تجاه الجزائر
في خطوة جديدة تعكس توتر العلاقات بين فرنسا والجزائر، أعلن وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو في مقابلة مع صحيفة لو فيغارو عن فرض إلزامية تقديم أمر مهمة للجزائريين حاملي جوازات السفر الدبلوماسية عند دخول الأراضي الفرنسية. هذا القرار أثار غضب السلطات الجزائرية، التي اعتبرته استفزازًا جديدًا ضمن سلسلة من التوترات المتصاعدة بين البلدين.
تصعيد غير مسبوق في العلاقات الثنائية
يأتي هذا الإجراء عقب تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا بايرو، الذي أمهل الجزائر من 4 إلى 6 أسابيع لاحترام الاتفاقيات الثنائية بين البلدين، محذرًا من ردود فعل فرنسية أكثر حدة في حال استمرار الجزائر في عدم الامتثال للاتفاقيات الثنائية.
وأكد برونو ريتايو أن فرنسا لم تعد مستعدة لغض الطرف عن التجاوزات الجزائرية، مشيرًا إلى أن بلاده تواجه “اختبار الحقيقة” مع الجزائر، حيث يتوجب على الأخيرة إما احترام الاتفاقيات أو مواجهة تداعيات قراراتها.
تطبيق فعلي للقرار وإبعاد شخصيات جزائرية
كإشارة إلى جدية الإجراءات الفرنسية، أشار وزير الداخلية الفرنسي إلى أن عدداً من حاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية قد تم منعهم بالفعل من دخول فرنسا. ومن بين هؤلاء، كشفت وكالة الأنباء الجزائرية APS أن زوجة السفير الجزائري في مالي كانت من بين “الضحايا” الأوائل لهذا القرار، حيث تم إعادتها إلى الجزائر رغم تقديمها كافة الوثائق المطلوبة، بما في ذلك شهادة إقامة وتأمين صحي وبطاقة الائتمان الخاصة بزوجها.
ضغوط متزايدة على النخبة الجزائرية
وفقًا لريتايو، فإن هذا الإجراء يستهدف النخبة الجزائرية الحاكمة، الذين يمتلكون عقارات في فرنسا، يديرون شركات بها، يدرسون أبناءهم في جامعاتها، ويعتمدون على مستشفياتها للعلاج. وأوضح الوزير أن هذه الفئة تستفيد من امتيازات خاصة بموجب اتفاق 1968 بين البلدين، وهو ما أصبح غير مبرر اليوم.
فرنسا تستعرض أوراق الضغط
أكد وزير الداخلية الفرنسي أن هذا الإجراء ليس سوى مرحلة أولى، حيث سيتم مراجعة جميع الامتيازات الممنوحة للجزائريين بموجب الاتفاقيات السابقة. كما أشار إلى أن الحكومة الفرنسية لن تقتصر على استهداف الشخصيات البارزة، بل ستشمل أيضًا المهاجرين غير النظاميين الجزائريين، الذين سيتم ترحيلهم وفقًا للإجراءات الجديدة.
في هذا السياق، شدد برونو ريتايو على أن فرنسا لن تتسامح بعد الآن مع السياسات الجزائرية التي تستغل الامتيازات الفرنسية دون الالتزام بالاتفاقيات الثنائية، مؤكدًا أن بلاده ستطبق مبدأ المعاملة بالمثل بكل حزم.
انعكاسات متزايدة للأزمة على العلاقات الثنائية
هذا القرار يأتي في ظل تصاعد التوتر بين البلدين، حيث شهدت العلاقات تدهورًا ملحوظًا منذ 2021، عندما انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ما وصفه بـ**”الاستغلال الجزائري للذاكرة الاستعمارية”**. ومنذ ذلك الحين، تصاعدت الخلافات حول ملفات عديدة، من بينها قضية الكاتبة والمعارضة الجزائرية أميرة بوراوي، وحملة التضييق على الشركات الفرنسية في الجزائر، وإزالة الفرنسية من المناهج الدراسية الجزائرية لصالح الإنجليزية.
في ختام تصريحاته، شدد برونو ريتايو على أن فرنسا لن تتردد في اتخاذ مزيد من الإجراءات الصارمة إذا استمرت الجزائر في سياستها الاستفزازية، معتبراً أن القرار الجديد يهدف إلى إعادة التوازن للعلاقات الثنائية، التي طالما اتسمت بـعدم التكافؤ لصالح الجزائر.