المشهد الجزائري على حافة تحوّل جديد : هل يطلّ “جولاني الجزائر”؟
تشهد الجزائر منذ أيام موجةً من الاحتقان السياسي والاجتماعي، تتصاعد حدّتها مع بروز مؤشّرات لاحتمال عودة الاحتجاجات الواسعة إلى الشوارع. ويرى مراقبون أنّ هذه التطورات تنذر برفع سقف المطالب الشعبية في مواجهة “نظام العسكر” الذي يسيطر -بحسب وصفهم- على مقدّرات البلاد، تاركًا شرائح واسعة من المجتمع تُعاني أوضاعًا معيشية صعبة.
وفي خضم هذه التوترات، برز اسم وُصف إعلاميًا بـ”جولاني الجزائر”، وسط تكهنات متزايدة حول دوره المحتمل في إحداث تغيير جذري داخل المشهد السياسي. ويشبّه البعض هذا الاسم بتجربة “أبو محمد الجولاني” في سوريا، الذي برز ضمن سياق المعارضة للنظام السوري.تشير تقارير إعلامية مختلفة إلى أنّ هذه الشخصية الجزائرية قد تكون خيارًا بديلًا يُطرَح لخلافة النظام العسكري. وفي هذا السياق، يربط محلّلون الوضع الجزائري الحالي بتطوّرات الملفّ السوري، حيث تسرّبت أنباءٌ عن انكفاء النظام السوري وتراجع سطوته، توازيًا مع أحاديث عن بروز “جولاني الجزائر” كلاعب جديد في الساحة السياسية.على الصعيد نفسه، أكّد الدكتور عبد الرحيم المنار اسليمي، المحلّل السياسي والأستاذ الجامعي، وجود معلومات تتداولها جهات عديدة تذكر أنّ الجزائر تعيش على وقع تحركات سرّية، وأنّ هناك “جيشًا حرًّا” يتمركز في الشمال، بينما بدأت عمليات في الجنوب يُتكتم عليها إعلاميًّا. ويرى اسليمي أنّ “النظام العسكري الجزائري” بات يبحث عن دعم خارجي، بما في ذلك الانخراط مع روسيا بغية حماية موقعه.
وبحسب المحلّل ذاته، فإنّ جنازة القيادي الجزائري عباسي مدني في أبريل 2019 شهدت تحرّكًا كبيرًا قدّره بأزيد من تسعة ملايين شخص، معظمهم من السلفيين، مشيرًا إلى أنّ هذا التحرّك تزامن مع بدايات الحراك الجزائري في العام نفسه. ويفسّر مراقبون هذا التحرك الجماهيري كإحدى العلامات التحذيرية بشأن مسار الأحداث القادمة في البلاد.مع تصاعد الحراك الشعبي وتنامي الغضب من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، تتزايد الأحاديث في الأوساط السياسية والإعلامية عن قرب “سقوط نظام العسكر”. وفي حين لم تتأكد بعد طبيعة التغيير المرتقب أو رموزه، يرى البعض أنّ تطوّر الأحداث في الجزائر قد يحاكي تجارب إقليمية سابقة، لتتحول البلاد إلى مرحلة سياسية جديدة يُطلِق عليها البعض صفة “النظام الشبيه بنظام جولاني سوريا”.
وفي انتظار ما ستفرزه الأيام المقبلة، يبقى المشهد الجزائري مفتوحًا على احتمالات عديدة، أبرزها اتساع نطاق الاحتجاجات واشتداد الضغوط الدولية على السلطة القائمة، لتلوح في الأفق ملامح مرحلة قد تحمل معها متغيرات جذرية داخليًا وإقليميًا.