يلوستون… العملاق النائم تحت الأرض الأمريكية

في قلب ولاية وايومنغ الأمريكية يستقر واحد من اخطر البراكين العملاقة على كوكبنا: يلوستون. ورغم أن المشهد فوق سطح الأرض يبدو هادئا، إلا أن ما ترصده الأجهزة العلمية في الأعماق يكشف عن عالم شديد التعقيد والحركة.
الدراسات الحديثة تشير إلى وجود خزانات ضخمة من الماغما الغنية بالسيليكا، بعضها يقع على عمق يتجاوز عشرة كيلومترات. هذه الخزانات تشكل ما يشبه بطارية طبيعية تختزن طاقة هائلة، وهي قادرة نظريا على إنتاج ثوران لا يقل حجما عن الانفجارات التي حدثت في عصور جيولوجية سابقة.
المتابعة الدقيقة أظهرت أن الجانب الشرقي من البركان ما زال يتغذى من محرك عميق من الصهارة، بينما يتجه القسم الغربي إلى البرودة والتصلب. هذا التباين الداخلي يجعل الصورة أكثر تعقيدا، ويؤكد أن فهم التفاصيل الصغيرة قد يكون مفتاح التنبؤ بأي تحول مفاجئ.
في حال استيقاظ يلوستون على نحو غير متوقع، فإن العالم لن يتأثر محليا فقط. الرماد البركاني قادر على الانتشار لمسافات قارية، ومعه انخفاض طويل في درجات الحرارة قد يقود إلى أزمة زراعية ومناخية واسعة النطاق، شبيهة بما حدث بعد انفجارات تاريخية مثل تامبورا وبيناتوبو.
لكن التقديرات العلمية مطمئنة في المدى القريب. فمعظم الماغما في الخزانات شبه متجمدة، والاحتمال أن يشهد الكوكب ثورا هائلا في زمننا الحالي ضئيل للغاية. مثل هذا الحدث يحتاج إلى آلاف السنين حتى تكتمل ظروفه.
إذن يلوستون ليس خطرا آنيا، لكنه يبقى تذكيرا صارخا بقدرة الطبيعة على إخفاء قواها خلف ستار من السكون. مراقبة هذا النظام الجيولوجي بدقة واستمرار هي الضمان الوحيد لتقليل المفاجآت في المستقبل.