اعتبر وزير الوظيفة العمومية أن إصلاح التقاعد هو “لفائدة الموظفين وليس على حسابهم”، وأضاف بأنه “سيضمن استمرارية نظام المعاشات” . وأضافي حوار مع جريدة التجديد الورقية بأن الحكومة اعتمدت مقاربة تشاركية “مكنت من إشراك مختلف المتدخلين والفاعلين في هذا المجال من سلطات عمومية وشركاء اجتماعيين واقتصاديين”.
ما هو تعليقكم على ما تروج له المعارضة بكون مشروع القانون المقدم من طرف وزارة الوظيفة العمومية بخصوص ملف إصلاح التقاعد تحكمه مقاربة جزئية عوض المقاربة الشاملة؟
إن الإصلاح المقياسي لنظام المعاشات المدنية الذي بادرت الحكومة إليه من خلال إعداد مشروعي القانونين رقم 71.14 ورقم72.14 لا يشكل إلا مرحلة أولى، من إصلاح شمولي ومتكامل لأنظمة التقاعد بالمملكة، يرتكز على مرحلتين:
– المرحلة الأولى: يجسدها الإصلاح المقياسي لنظام المعاشات المدنية، وهوإصلاح ذوطابع آني واستعجالي ناجم عن الوضعية الراهنة للصندوق المغربي للتقاعد، ذلك أن هذا الأخير تواجهه إكراهات ترتبط باختلال توازناته المالية بسبب تزايد عدد المتقاعدين مقابل عدد المنخرطين، ومن المنتظر أن تزداد هذه الوضعية تفاقما إذا لم يتم اتخاذ إجراءات مستعجلة لإصلاح شمولي،والقيام بإصلاحات على مستوى المقاييس التي تتحكم في سيره، حيث أن كل يوم تأخير في إنجاز هذا الإصلاح يكلف 60 مليون درهم، وأن هذه الكلفة سوف تتضاعف خلال السنوات المقبلة.
– المرحلة الثانية: سيتم خلالها مباشرة الإصلاح الهيكلي، وذلك بإحداث منظومة للتقاعد من قطبين، يشتمل كل منهما على نظام أساسي وأخر تكميلي. قطب للقطاع العمومي ويشمل الصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، يخضع له موظفووأعوان الإدارات العمومية والجماعات الترابية ومستخدمو المؤسسات العامة. وقطب للقطاع الخاص: ويضم الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والصندوق المهني المغربي للتقاعد، ويسري على أجراء القطاع الخاص.
المعارضة كذلك تتهم الحكومة بإخراج النقاش من الحوار الاجتماعي للتقرير فيه دون إشراك النقابات؟
فيما يخص الإجابة عن هذا السؤال، أريد أن أؤكد أن ملف إصلاح أنظمة التقاعد، يعتبر من أولويات الحكومة، حيث اعتمدت فيه المقاربة التشاركية التي مكنت من إشراك مختلف المتدخلين والفاعلين في هذا المجال من سلطات عمومية وشركاء اجتماعيين واقتصاديين، وذلك بعقد مناظرة وطنية حول إصلاح أنظمة التقاعد في دجنبر 2003، وكذلك إحداث لجنة وطنية في يناير 2004 تحت رئاسة السيد الوزير الأول، تتكون من القطاعات الحكومية المعنية وصناديق التقاعد والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية والإتحاد العام لمقاولات المغرب . بالإضافة إلى إحداث لجنة تقنية منبثقة عن اللجنة الوطنية، تضم في عضويتها ممثلين عن مكونات اللجنة الوطنية .
وقد عقدت اللجنة التقنية، بحضور كافة أعضائها ما يزيد عن 70 اجتماعا، ناقشت خلالها مختلف سيناريوهات الإصلاح .
ولابد من التذكير بأن اللجنة الوطنية برئاسة السيد رئيس الحكومة قد عقدت آخر اجتماع لها بحضور الوزراء المعنيين والكتاب العامين للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية ورئيسة الإتحاد العام لمقاولات المغرب يوم 18 يونيو2014، حيث تم خلال هذا الاجتماع تقديم أهم مقترحات الحكومة بخصوص الإصلاح المقياسي لنظام المعاشات المدنية.
وموازاة مع هذا، ومن أجل توسيع التشاور، بادرت الحكومة إلى عرض مشروعي القانونين السالفي الذكر، على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مع العلم أن المركزيات النقابية ممثلة داخل هذه المؤسسة الدستورية.
بعض الفرقاء الاجتماعيين يعتبرون مشروع الحكومة يتجه إلى الإصلاح على حساب الموظفين وترك مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، كيف تردون؟
إن هذا الإصلاح هو لفائدة الموظفين وليس على حسابهم، لأنه يضمن استمرارية نظام المعاشات، وبدون إصلاح سوف تتعرض حقوقهم للضياع. وإن مختلف أنظمة التقاعد في العالم تعتمد على ثلاثة عناصر أساسية وهي السن؛ ونسبة الاقتطاعات والمساهمات؛ ونسبة التعويض (المعاش).وبالتالي فإذا أردنا أي إصلاح يضمن التوازن، ينبغي مراجعة هذه العناصر مجتمعة، ونظرا لكون هذا النظام هونظام توزيعي ومساهماتي ينبني على المساهمات والاقتطاعات، فإنه من الطبيعي أن يساهم الموظف في عملية الإصلاح. وتنبغي الإشارة إلى أن الأزمة التي يعرفها نظام المعاشات المدنية مرتبطة بالأساس بطريقة احتساب المعاش بهذا النظام، إذ يتميز هذا الأخير بسخائه وبعدم توازن التعريفة، حيث أن الدراسات الإكتوارية تشير إلى أن المعاش الممنوح لكل موظف يساوي ضعف (2X) (الاقتطاعات + المساهمات) المحينة، ذلك أن المعاش يحتسب عل أساس آخر أجرة للموظف مما أدى في بعض الحالات إلى أن مبلغ المعاش يفوق مبلغ الأجرة . وفي الأخير، لا بد من الإشارة إلى أن الإصلاح المقترح فضلا عن اعتماده مقاربة تشاركية، فقد تم الحرص من خلاله على ضمان الحقوق المكتسبة للمنخرطين إلى غاية تطبيقه من جهة، ومن جهة ثانية فهوإصلاح يرتكز على مبدأي التدرج والتضامن.