برنار لوغان: النظام الجزائري يغار من المغرب لأنه يفتقر إلى تاريخ وهوية دولة

في مقابلة بثت على قناة Omerta على يوتيوب يوم 20 مارس 2025، قدم المؤرخ الفرنسي المتخصص في الشأن الإفريقي، برنار لوغان، تحليلًا لاذعًا لواقع العلاقات المغربية الجزائرية، مسلطًا الضوء على الغيرة التاريخية والسياسية التي يكنها النظام الجزائري للمغرب، بسبب افتقار الجزائر لهوية تاريخية راسخة، على حد وصفه.
الجزائر.. كيان بلا جذور تاريخية؟
في سياق حديثه عن كتابه الجديد “تاريخ الجزائريات”، أكد لوغان أن ما يُعرف اليوم بـ”الجزائر” لم يكن موجودًا كدولة واحدة قبل الاحتلال الفرنسي عام 1830، مشيرًا إلى أن اسم “الجزائر” لم يظهر رسميًا إلا عام 1839، حين أطلقه وزير الحرب الفرنسي على الأراضي التي احتلتها فرنسا.
واعتبر لوغان أن النظام الجزائري ومنذ الاستقلال عام 1962، يعمل على طمس المكونات الحقيقية لتاريخ المنطقة، بدءًا من الجذور الأمازيغية، مرورًا بالحضور الروماني والعثماني، وصولًا إلى صناعة سردية وطنية مصطنعة من طرف جبهة التحرير الوطني، وهي السردية التي أصبحت حسب تعبيره “مصفوفة النظام”.
كراهية مزدوجة: فرنسا والمغرب كعدوين دائمين
أكد لوغان أن النظام الجزائري الحالي، الذي لم يحظَ إلا بمشاركة 10% من الناخبين في آخر انتخابات رئاسية، لا يستطيع العيش دون خلق عدوين دائمين: فرنسا والمغرب. وأضاف أن الجزائر تُبقي على صراعها مع فرنسا وكأن حرب التحرير لم تنتهِ أبدًا، بينما تورطت بشكل عميق وغير قابل للتراجع في ملف الصحراء المغربية، مما جعلها غير قادرة على التراجع دون أن تهدد شرعيتها الداخلية.
المغرب كدولة راسخة تُثير العقدة الجزائرية
قارن لوغان بين المغرب والجزائر من منطلق البنية التاريخية للدولة، مؤكدًا أن المغرب دولة تمتد جذورها إلى أكثر من 12 قرنًا، ويتمتع بتقاليد دبلوماسية عريقة، في حين أن الجزائر تفتقر لتلك المقومات، ما يجعلها تعيش في “عقدة وجودية” تجاه المملكة، وصفها بأنها أقرب إلى “الاضطراب النفسي”.
وللدلالة على عمق الدولة المغربية، أشار لوغان إلى استمرارية العائلات السياسية المغربية نفسها قبل وبعد الحماية الفرنسية، مما يعكس وجود استمرارية مؤسساتية ودبلوماسية مستقرة، على عكس السلطة في الجزائر التي يهيمن عليها “الانتهازيون” و”المستفيدون من الريع”، بحسب تعبيره.
بو علام صنصال وتاريخ الغرب الجزائري
استحضر لوغان قضية الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال، المسجون حاليًا في الجزائر بسبب آرائه، ليؤكد أن “ذنبه الوحيد” هو تذكيره بحقائق تاريخية مفادها أن الغرب الجزائري (بشار، تندوف، تيديكلت، القورارة…) كان جزءًا من المغرب حتى نهاية القرن 19، وأن فرنسا هي من ضمته للجزائر الاستعمارية.
وتساءل لوغان مستنكرًا: “كيف يعقل أن مؤرخًا مثل بنجامين ستورا يتجاهل هذه الحقيقة؟”، مشبهًا الأمر بمن يدعي أن الألزاس واللورين لم تُنتزع من فرنسا، معتبرًا ذلك “عبثًا تاريخيًا”.
دعوة إلى الحزم في التعامل مع الجزائر
وختم لوغان تصريحاته بالدعوة إلى موقف فرنسي أكثر حزما تجاه النظام الجزائري، مشددًا على أن فرنسا بحاجة إلى شركاء ناضجين مثل المغرب بدل ما سماه “أطفالًا مدللين”. وأوضح أن الجزائر أصبحت دولة معزولة دبلوماسيًا، حتى مع حلفائها التقليديين كتركيا، مؤكدًا أن هذا ناتج عن غياب تقاليد دبلوماسية حقيقية لدى النظام الجزائري.
يرى برنار لوغان أن النظام الجزائري يعيش على سردية كاذبة وتاريخ مفبرك، وأنه يفتقر للمرونة السياسية والدبلوماسية، بينما المغرب ينظر إلى المستقبل بثقة مستمدة من ماضيه العريق. ولهذا، فإن التوتر الدائم مع المغرب وفرنسا هو شريان الحياة بالنسبة لنظام مأزوم، يرفض الاعتراف بالحقيقة، ويخشى السقوط في حال فقد “عدوه الوهمي”.