دواء للحيوانات على موائد العلاج البشري… صرخة برلمانية تكشف خللا في منظومة الدواء

أعادت تصريحات البرلمانية زهرة المومن عن حزب التقدم والاشتراكية، الجدل حول واقع قطاع الأدوية بالمغرب، بعدما كشفت أن دواء مخصصا للحيوانات تم استعماله خلال جائحة كوفيد 19 لعلاج البشر، في مشهد صادم يعكس هشاشة المنظومة الصحية خلال فترات الأزمات.
البرلمانية، التي تحدثت خلال مناقشة مشروع قانون المالية داخل لجنة المالية بمجلس النواب، أوضحت أن دواء يسمى “لوزينغ” كان يقدم للمواطنين بجرعات محددة رغم كونه مخصصا للحيوانات، مشيرة إلى أن الصيدليات كانت تعاني حينها من خصاص حاد في عدد من الأدوية الحيوية.
هذه التصريحات تفتح الباب أمام أسئلة عميقة تتعلق بسلامة الدواء المتداول في السوق المغربية، وبمدى نجاعة منظومة المراقبة والتتبع التي يفترض أن تضمن حماية صحة المواطنين في كل الظروف. فإذا كان دواء بيطري وجد طريقه إلى الاستعمال البشري، فذلك يعني أن هناك خللا في آليات الترخيص، والتوزيع، والرقابة الميدانية.
استعمال أدوية غير مخصصة للبشر قد يسبب مضاعفات خطيرة على المدى القصير والطويل، خصوصا أن تركيبتها الكيميائية تختلف تماما عن نظيراتها الموجهة للاستهلاك الإنساني. ومع غياب دراسات علمية دقيقة حول تأثير تلك المواد على جسم الإنسان، يصبح الأمر أشبه بمقامرة بالصحة العامة.
الواقعة تكشف أيضا هشاشة الأمن الدوائي الوطني، إذ إن غياب الاكتفاء الذاتي في الأدوية يجعل البلاد عرضة للأزمات كلما تعطلت سلاسل التوريد العالمية، وهو ما حدث فعلا خلال جائحة كوفيد 19. فبدل أن يكون النظام الصحي محميا بتصنيع محلي قوي، وجد الأطباء والصيادلة أنفسهم أمام واقع الارتجال والتعويض المؤقت، ولو بأدوية غير مخصصة للبشر.
اليوم، ومع تكرار الدعوات لإصلاح المنظومة الصحية، يبدو من الضروري توسيع النقاش ليشمل السياسة الدوائية برمتها، من مراقبة جودة الدواء، إلى تسعيره، وتوفيره بشكل متوازن، وتفعيل دور الوكالة الوطنية للأدوية بشكل أكثر صرامة واستقلالية.
فصحة المواطنين ليست مجالا للتجريب أو التدبير بالصدفة، بل هي مسؤولية دولة يفترض أن تضع الإنسان قبل الأرقام، والحياة قبل الحسابات التجارية.




