هل تدفع المصالح الاقتصادية تدخل أوغندا العسكري في الكونغو الديمقراطية؟

في خضم التصعيد المتجدد في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، برز الدور العسكري لأوغندا بشكل لافت، بعد إعلان جيشها احتلال مدينتين في الإقليم الحدودي المضطرب. هذا التحرك أثار تساؤلات عميقة حول الخلفيات الحقيقية لهذا التدخل، في سياق إقليمي معقد يتداخل فيه الأمن بالجغرافيا، والمصالح الاقتصادية بالتحالفات المتشابكة.
التحرك الأوغندي جاء بينما لا تزال حركة “M23″، المدعومة من رواندا، تسيطر على مساحات واسعة من الأراضي في نفس المنطقة، ما يشير إلى توازن قوى جديد في شرق الكونغو، وسط غياب الدولة المركزية وضعف مؤسساتها العسكرية.
ورغم الخطاب الرسمي الذي يبرر التدخل الأوغندي بمحاربة الجماعات المسلحة، وعلى رأسها “ADF” المرتبطة بتنظيم داعش، إلا أن المتابعين للشأن الإقليمي يرون في هذه العمليات بعدًا اقتصاديًا لا يمكن تجاهله. فالشرق الكونغولي، المعروف بثرواته المعدنية الهائلة من ذهب وكولتان ومعادن نادرة، لطالما كان مسرحًا لصراع النفوذ بين الجيران، وخصوصًا أوغندا ورواندا، في ظل اتهامات مستمرة لهما بالاستفادة غير المشروعة من الموارد الكونغولية.
تشير تقارير أممية سابقة إلى تورط شركات أوغندية ورواندية في شبكات تهريب المعادن من الكونغو عبر الحدود، وهو ما يضع التحركات العسكرية في سياق “تأمين الممرات التجارية” أكثر من كونه مجرد واجب أمني. ويعزز هذا الطرح غياب أي استراتيجية شاملة لإعادة الأمن أو تقديم دعم حقيقي لمؤسسات الدولة الكونغولية في المناطق التي تنتشر فيها هذه القوات.
كما أن تزامن هذا التصعيد مع توسع التنافس الاقتصادي في منطقة البحيرات الكبرى، ومع سعي دول شرق أفريقيا إلى تعزيز النفوذ عبر “تحالفات الأمن مقابل الموارد”، يجعل من تدخل أوغندا العسكري خطوة مدفوعة بمصالح أبعد من الحدود التقليدية للأمن القومي.
في ظل كل ذلك، تبدو جمهورية الكونغو الديمقراطية مرة أخرى ضحية لتجاذبات إقليمية لم تهدأ منذ عقود، حيث يتحول أمنها الداخلي إلى ورقة تفاوض ومطمع اقتصادي في آن واحد. ومع غياب ضغط دولي فعال، يُخشى أن يتحول هذا التدخل إلى فصل جديد من الاستغلال الممنهج لثروات البلاد، تحت غطاء عمليات عسكرية لا تخلو من الطابع السياسي والاقتصادي معًا.