المغربصفرو

هجرة جماعية للمختلين عقليا من فاس الى صفرو بسبب حملة كأس افريقيا

تعيش مدينة صفرو في الايام الاخيرة حالة من القلق المتزايد بعد توافد اعداد من المختلين العقليين القادمين من مدينة فاس، وذلك في اعقاب الحملة التي تشنها سلطات العاصمة العلمية استعدادا لاحتضان بعض فعاليات كأس افريقيا. هذه الحملة التي تروم تنظيف شوارع فاس من كل ما يمكن ان يسيء لصورتها امام الزوار والضيوف، دفعت عشرات المختلين الى التوجه نحو المدن المجاورة مثل صفرو واموزار، وهو ما خلق وضعا غير مسبوق وسط الساكنة المحلية.

السكان يتحدثون عن وجوه جديدة ببنيات جسدية قوية تجوب الشوارع والاحياء بشكل عشوائي، وتشكل مصدر تهديد حقيقي، خصوصا مع اقتراب الدخول المدرسي حيث يعيش الاباء والامهات على وقع خوف دائم من تعرض فلذات اكبادهم لاي مكروه في طريقهم الى المدرسة. ويزداد القلق اكثر في صفوف الفئات العاملة البسيطة مثل خادمات المعامل اللواتي يضطررن للخروج في ساعات مبكرة، فيجدن انفسهن وجها لوجه مع مختلين في حالة هيجان او عدوانية.

وتستحضر ساكنة صفرو واقعة اموزار التي شهدت قبل اشهر اعتداء خطيرا من طرف مختل عقلي على احد المواطنين، معتبرة ان تكرار مثل هذه المآسي في صفرو اصبح احتمالا قائما في ظل غياب اي تدخل رسمي فعال.المعضلة الكبرى تكمن في ان صفرو لا تتوفر على مؤسسات اجتماعية او مراكز ايواء قادرة على استيعاب هذه الفئة الهشة، وهو ما يجعل الشارع الحل الوحيد امامهم، وبالتالي يتحولون الى خطر يومي يهدد امن الساكنة وسلامتهم.

غير ان الظاهرة لم تتوقف عند صفرو، فحسب شهادات متطابقة، جرى كذلك ترحيل مهاجرين افارقة ومختلين عقليين نحو مدن اخرى صغيرة مثل الراشيدية، في مشهد يعكس مرة اخرى سياسة الهروب الى الامام التي تتبناها السلطات. الهدف واضح وهو تلميع صورة المدن التي ستحتضن المباريات، واظهارها في حلة جميلة امام كاميرات العالم، بينما يتم تحميل المدن المهمشة عبء هؤلاء الاشخاص، في سلوك يكرس مقولة المغرب النافع والمغرب غير النافع.

هذا التوجه يتعارض بشكل صارخ مع التوجيهات الملكية التي شددت على ان المغرب يجب ان يسير بسرعة واحدة، وان العدالة المجالية حق دستوري لكل المواطنين. لكن الواقع يظهر ان الحكومة مازالت تسير بسرعتين، واحدة للمدن الكبرى التي تستفيد من البنيات التحتية والتأهيل استعدادا للمناسبات الدولية، واخرى للمدن الصغيرة التي تفتقر لابسط الخدمات مثل الماء والكهرباء والمستشفيات والمدارس، لكنها تجد نفسها فجأة مطالبة باستقبال المختلين والمهاجرين كما لو كانت منافي بعيدة عن الوطن.

امام هذا الوضع، يبقى السؤال المطروح: الى متى ستظل المدن المهمشة تدفع ثمن تلميع صورة المدن الكبرى، ومتى ستتحمل الدولة مسؤوليتها كاملة في توفير حلول انسانية حقيقية تضمن كرامة المختلين والمهاجرين، وتحمي في الوقت نفسه امن المواطنين وطمأنينتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى