نشطاء المناخ يُربكون اجتماع “وودسايد إنرجي”

شهدت مدينة بيرث الأسترالية هذا الأسبوع مشهداً استثنائياً، حيث تحوّل الاجتماع السنوي لعمالقة الطاقة في شركة “وودسايد إنرجي” إلى ساحة مواجهة مفتوحة بين الإدارة العليا ومجموعة من الناشطين البيئيين، في لحظة تعكس حجم التوتر المتصاعد بين الطموحات الاقتصادية التقليدية والمطالب المناخية العاجلة.
فمع انطلاق الاجتماع المخصص لاستعراض أداء الشركة ومخططاتها المستقبلية، تسللت مجموعات من النشطاء إلى القاعة، وأطلقت هتافات مدوّية وصافرات متواصلة قطعت خطاب الرئيسة التنفيذية “ميغ أونيل”، وأربكت تسلسل الحدث. هذا الاحتجاج غير المسبوق داخل قاعات الاجتماعات الرسمية، يأتي في وقت تتعرض فيه الشركة لانتقادات واسعة بسبب استثماراتها الضخمة في مشاريع الغاز وتباطؤها في التحول نحو الطاقة المتجددة.
الأمر لم يتوقف عند الحضور المدني، بل تجاوز إلى مساهمين كبار داخل الشركة، إذ صوت ما يقارب 20% من المستثمرين ضد رئيس لجنة المناخ في مجلس الإدارة، احتجاجاً على ما وصفوه بـ”غياب خطة مناخية واضحة والتأخر في اتخاذ إجراءات ملموسة”. هذه النسبة تُعد إشارة قوية على تنامي تيار الضغط الداخلي، الذي بات يعتبر أن المسؤولية البيئية لم تعد خيارًا، بل رهانًا استثماريًا حاسمًا.
في المقابل، حاولت الشركة تقليل وقع الاحتجاجات عبر تسليط الضوء على بعض المبادرات البيئية التي تبنّتها مؤخرًا، دون أن يُقنع ذلك المحتجين أو يهدّئ من حدة التوتر داخل القاعة. فقد غادر عدد من الحضور الاجتماع في لحظاته الأخيرة، مؤكدين أن زمن التجاهل قد ولى، وأن الشركات الكبرى مطالبة اليوم بالإفصاح الدقيق عن خططها البيئية، لا الاكتفاء بالشعارات التسويقية.
ما حدث في بيرث ليس مجرد احتجاج عابر، بل عنوان لتحول جوهري في الطريقة التي يتفاعل بها المجتمع الأسترالي – والمستثمرون على حد سواء – مع شركات الطاقة. إنها لحظة فاصلة تُعلن أن الرأي العام بات شريكًا حقيقيًا في مراقبة مآلات المناخ، وأن قاعات الاجتماعات المغلقة لم تعد بمنأى عن المساءلة الشعبية.
وإذا لم تُسارع شركات مثل “وودسايد” إلى مراكمة الأفعال لا الأقوال، فإنها ستجد نفسها عاجلاً أم آجلاً في مواجهة عاصفة من الرفض المجتمعي والاستثماري، لا تقل خطورة عن تقلبات الأسواق وأسعار البترول.