مواسم ومهرجانات.. بين الجهل والجريمة وفقدان البوصلة

في الوقت الذي يفترض أن تشكل فيه المواسم والمهرجانات فضاءات للتلاقي الثقافي والديني والفني، تكشف الوقائع المتتالية عن تحولها إلى بؤر للفوضى والانحراف، بعيدا عن أي بعد حضاري أو إنساني.
حادثة موسم مولاي عبد الله، التي هزت الرأي العام بعد أن جرى الحديث عن تعرض طفل للاغتصاب من طرف أربعة عشر شخصا، تضع علامة استفهام كبرى حول المسؤولية الأمنية والتنظيمية. ما وقع ليس مجرد جريمة معزولة، بل صورة صادمة لوجه آخر لهذه المواسم حين تتحول من مناسبة روحية إلى مرتع للجريمة.
في المقابل، يثير مشهد موظفين ومثقفين يقبلون يد شيخ إحدى الزوايا حالة من الغضب والاشمئزاز، إذ يعكس استمرار ممارسات مذلة لا علاقة لها بالكرامة الإنسانية. في زمن يفترض أن يسود فيه العقل النقدي وقيم المواطنة، ما زالت طقوس التبعية تمارس بشكل يشرعن الخضوع ويجعل من بعض الزوايا أدوات لاستغلال النفوذ باسم الدين.
أما في الساحة الفنية، فعودة المغني طوطو إلى منصة مهرجان بالقنيطرة تؤكد غياب أي رؤية ثقافية واضحة لدى المنظمين. كيف يمكن تبرير تقديم أسماء مثيرة للجدل، ووصمها الجمهور بالانحلال، بدعوى الترفيه والفن؟ هل صار الذوق العام سلعة رخيصة يتم التلاعب بها وفق منطق السوق فقط؟
الجامع بين هذه الوقائع الثلاثة أنها تكشف واقعاً عبثيا لمواسم ومهرجانات تنفق عليها أموال طائلة دون مردود يذكر، سوى إنتاج مزيد من الفوضى، الجهل، والانحلال. أسئلة مشروعة تطرح نفسها بإلحاح: من المستفيد من هذا الوضع؟ وأين هي السياسات الثقافية والفنية والدينية التي تراعي قيم المجتمع وتصون كرامة الإنسان؟
لقد آن الأوان لإعادة النظر في هذه التظاهرات، وتقييم جدواها بميزان العقل والكرامة، قبل أن تتحول بشكل كامل إلى عنوان للانحراف بدل أن تكون مناسبة للاحتفاء بالتراث والثقافة والإنسان.