من وضعية حليف مميّز إلى شراكة استراتيجية متقدمة: المغرب يعزّز موقعه في المعادلة العسكرية الدولية

يواصل المغرب ترسيخ حضوره داخل المنظومة الأمنية الدولية، في ظل تطور لافت في علاقاته العسكرية مع الولايات المتحدة الأمريكية، انتقل به من مجرد شريك مفضل إلى فاعل استراتيجي يحظى بثقة المؤسسات الدفاعية الأمريكية.
وفي هذا السياق، كشف تقرير حديث صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية أن المملكة المغربية تُعد من بين أكثر الدول الأجنبية استفادة من برنامج Excess Defense Articles (EDA)، الذي يهم نقل المعدات العسكرية الفائضة عن حاجة الجيش الأمريكي، وذلك خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2020 و2024.
ووضع التقرير المغرب ضمن دائرة الشركاء الدوليين البارزين في هذا البرنامج، عقب عملية تقييم دقيقة أنجزها مكتب القدرات الاستراتيجية التابع للبنتاغون، همّت مدى توافق عمليات تحويل العتاد العسكري مع المصالح الأمنية والاستراتيجية للولايات المتحدة، سواء على المستوى الثنائي أو في محيطها الإقليمي والدولي.
وحسب معطيات صادرة عن مسؤولين أمريكيين، فإن هذا التقييم لا يقتصر على الجانب التقني، بل يشمل أيضاً البعد الجيوسياسي، ومدى مساهمة هذه التحويلات في تعزيز الاستقرار الإقليمي، وتقوية الشراكات الدفاعية طويلة الأمد.
وبخصوص المغرب، أبرز التقرير أن السلطات الأمريكية درست بعناية الطلبات التي تقدمت بها الرباط في إطار برنامج EDA، في أفق دعم قابلية التشغيل البيني والتنسيق العملياتي بين القوات المسلحة الملكية ونظيرتها الأمريكية، بما يعكس مستوى متقدماً من الثقة والتكامل العسكري، دون الكشف عن طبيعة أو نوعية المعدات التي شملتها هذه التحويلات.
ويأتي هذا التطور في سياق علاقات دفاعية متينة بين البلدين، تعززت بشكل لافت بعد توقيع اتفاقية للتعاون العسكري في أكتوبر 2020، كما تستند إلى وضعية المغرب كـحليف رئيسي للولايات المتحدة من خارج حلف شمال الأطلسي (NATO)، وهي الصفة التي يتمتع بها منذ يونيو 2004، وتمنحه امتيازات خاصة في مجالات التسليح والتكوين وتبادل الخبرات.
وفي مؤشر إضافي على عمق هذه الشراكة، كشفت معطيات رسمية صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية، في يناير 2025، أن قيمة المبيعات العسكرية الحكومية الأمريكية الموجهة إلى المغرب، في إطار برنامج Foreign Military Sales (FMS)، بلغت حوالي 8.545 مليارات دولار، ما يعكس حجم التعاون العسكري المتنامي بين البلدين.
ويرى متابعون أن هذا المسار يعكس تحول المغرب إلى شريك أمني موثوق، يلعب أدواراً متزايدة في استقرار المنطقة، سواء في شمال إفريقيا أو الساحل أو الواجهة الأطلسية، كما يؤكد نجاح المقاربة المغربية القائمة على تنويع الشراكات وتعزيز القدرات الدفاعية الوطنية، في انسجام مع التحولات الكبرى التي يعرفها النظام الدولي.




