من تسبب في كوارث اليوم: قراءة تحليلية للسياسات الحكومية

المشهد السياسي والاقتصادي في المغرب اليوم يعكس تراكم اخطاء متعاقبة وسياسات اعطت نتائج عكسية على المواطن وعلى الدولة نفسها معطيات عدة تظهر ان الحكومة الحالية مسؤولة عن سلسلة كوارث سياسية اجتماعية واقتصادية بدءا من التشريعات وصولا الى ادارة المال العام والموارد الطبيعية
اول الكوارث يتعلق بالتشريع الحكومة سحبت قانون تجريم الاثراء غير المشروع مع سبق الاصرار والترصد مما اتاح بيئة ملائمة للتراكم غير المشروع للثروات وزرع شعور بالافلات من العقاب بين النخب الاقتصادية والسياسية
ثاني الكوارث اجتماعية هذه المرة متعلقة بالشباب ومستقبل التعليم الحكومة اقفلت الباب امام الشباب لولوج مهنة التدريس بعد بلوغهم سن 30 سنة مما ادى الى فقدان فرص الشغل واحباط قطاع كبير من الكفاءات الشبابية التي كانت قادرة على تطوير المنظومة التعليمية
على المستوى الثقافي والاخلاقي هناك تدخلات حكومية تشجع الانحلال وتضع قدوات غير مناسبة للشباب المغربي تحت شعار الحداثة بينما تحارب القيم المجتمعية الاصيلة
في القطاع الاقتصادي نجد ان الحكومة اغدقت بالمال العام على ما يعرف بالفراقشية بمبلغ 13 مليار درهم بينما اعدت صحة المواطنين وليمة للقطاع الخاص بـ 9 مليار درهم سنويا وافرت المشروع الملكي للحماية الاجتماعية من مضمونه مما حرم ملايين المغاربة من التغطية الصحية الكافية وجعلهم رهائن لمؤشرات مالية غير عادلة
الحكومة ايضا تسببت في تهميش الارامل حيث قلص الدعم المالي لهم الى 500 درهم متقلب بدل ان يصل الدعم الى 1050 درهم كما حولت الوزارات والقطاعات العمومية الى ملحقات حزبية حيث ترتقي المناصب للمقربين وتهمل الكفاءات الحقيقية
في قطاع المحروقات كشفت تقارير المهمة الاستطلاعية لسنة 2018 ان الحكومة استهلكت 17 مليار درهم والان تجاوز المبلغ 60 مليار درهم بينما ظل المواطنون يعانون ارتفاع الاسعار المجلس المنافسة بقيادة ادريس الكراوي حاول مواجهة الشركات الجشعة بما فيها شركات رئيس الحكومة لكن السياسات الحكومية سمحت بتجاوزات كبيرة في السوق
على مستوى الاستثمارات والصفقات العملاقة الحكومة استغلت المواقع القيادية لرئيسها لتمرير صفقات تحلية كياه في الدار البيضاء بقيمة 1,5 مليار دولار وصفقة الفيول للمكتب الوطني للماء والكهرباء مع ضمان بيع 30 سنة بقيمة 2,4 مليار درهم بينما تم تقليص الضريبة على الشركات الكبرى من 35 في المائة الى 20 في المائة مما يزيد الهوة الاقتصادية بين المواطن العادي وطبقة الاثرياء
السياسة التشريعية والتنفيذية لم تقتصر على الفساد المالي فقط بل امتدت لتشمل حقوق الشباب حيث زج البعض منهم في أتون متابعات وربما سجون لمجرد تصديقهم لمشاريع مدنية مثل فرصة البرلمان تحول الى سيرك بلا روح والجماعات الترابية الى مرتع للفاسدين وعديمي الضمير فيما الفساد والسيطرة على المؤسسات التمثيلية اصبح الظاهرة الاكثر وضوحا كما ظهر في الفريق البرلماني لعكاشة الذي يحوي عشرات المتابعين والمعتقلين بتهم الفساد وخيانة الامانة والتزوير
من كل هذا يتضح ان السياسات الحكومية لم تكتف بإضعاف المواطن المغربي بل اضعفت المؤسسات نفسها وأهملت الكفاءات وفجرت بيئة خصبة للفساد المالي والاخلاقي مما يجعل من الضروري اعادة النظر في الاطار القانونية والسياسية لضمان العدالة والمساءلة وحماية مصالح الدولة والمواطن على حد سواء