المغربصفرو

من إيموزار إلى صفرو.. اعتداءات المختلين عقليا تدق ناقوس الخطر

شهدت مدينة ايموزار كندر حادثا مأساويا تمثل في إقدام شخص تبدو عليه علامات الخلل العقلي على مهاجمة شرطي مكلف بتنظيم السير، حيث وجه له طعنة قاتلة بواسطة السلاح الأبيض. هذه الواقعة المروعة أعادت من جديد النقاش حول ظاهرة الاعتداءات التي يرتكبها أشخاص يعانون من اضطرابات عقلية، وما تشكله من تهديد مباشر لسلامة المواطنين ورجال الأمن.

خلال السنوات الأخيرة، سجل المغرب عددا من الحوادث المماثلة التي تورط فيها أشخاص في وضعية غير طبيعية، سواء ضد مواطنين أبرياء أو عناصر من السلطات العمومية. هذا الأمر يطرح أسئلة ملحة حول واقع التكفل بالصحة النفسية والعقلية في البلاد، وحول غياب آليات فعالة لرصد الحالات الخطيرة وإخضاعها للمتابعة الطبية اللازمة قبل أن تتحول إلى مصدر خطر حقيقي.

ويرى مراقبون أن انتشار هذه الحوادث يعود إلى ضعف البنيات الاستشفائية الخاصة بالأمراض النفسية والعقلية، ونقص الأطر الطبية المختصة، فضلا عن غياب برامج ميدانية للتدخل الوقائي. كما أن العديد من الأسر، خاصة في الأحياء الشعبية والمناطق الهشة، تفتقر إلى الإمكانيات المادية لمتابعة أقاربها المرضى، مما يتركهم عرضة للتشرد والانحراف.

وفي مدينة صفرو، من بين المدن التي تعاني من هذه الظاهرة،حيث في سابقة من هذا القبيل تمكن شخص مختل عقليا من الاستيلاء على سيارة للأمن الوطني كانت متوقفة أمام إحدى الدوائر الأمنية، وقادها لمسافة طويلة قبل أن يتم توقيفه. الواقعة أثارت استنفارا واسعا وأظهرت أن غياب الرعاية الطبية والمتابعة قد يحول هؤلاء الأشخاص إلى مصدر تهديد مباشر لأمن المواطنين. وتزداد المخاوف في صفوف الساكنة لأن عددا من المختلين العقليين يتجولون باستمرار في الشوارع، ويثيرون الرعب وسط الأسر وأبنائها، من خلال تصرفات خطيرة تصل أحيانا إلى الاعتداء الجسدي وتخريب الممتلكات العامة، في ظل غياب حلول جذرية لحمايتهم وحماية المجتمع.

إن تكرار هذه الاعتداءات يفرض على السلطات العمومية اعتماد استراتيجية وطنية شاملة للوقاية من المخاطر المرتبطة بالاضطرابات العقلية، تشمل تعزيز البنيات الاستشفائية، إدماج خدمات الصحة النفسية في الرعاية الأولية، وتكثيف حملات التوعية لدى الأسر والمجتمع. فالأمن العام لا يمكن أن ينفصل عن الصحة العقلية، ومعالجة الظاهرة بشكل جذري يظل السبيل الأمثل لحماية الأرواح وضمان الاستقرار المجتمعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى