
الانضمام الرسمي للمغرب الى المنظمة الدولية للوساطة يمثل خطوة استراتيجية تعكس رؤية المملكة في تعزيز دورها على الساحة الدولية من خلال الحوار والحلول السلمية للنزاعات. هذا التحرك الدبلوماسي لا يقتصر على الجانب الرمزي بل يحمل أبعاداً عملية تمكن المغرب من الانخراط في تسوية النزاعات بين الدول والمستثمرين الأجانب، فضلاً عن النزاعات التجارية الدولية.
وقع سفير جلالة الملك بالصين، عبد القادر الأنصاري، على الاتفاقية باسم الحكومة المغربية في حفل رسمي بوزارة الخارجية الصينية، تنفيذًا لإعلان وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، خلال زيارته لبكين في شتنبر الماضي بشأن انضمام المملكة لهذه الهيئة الدولية الجديدة.
ويعكس هذا التوقيع تشبث المغرب بالتراث الحضاري للوساطة والتحكيم، وهو تراث يمتد لعقود عبر المبادرات المغربية في الأمم المتحدة لتثمين الوساطة. ومن خلال المشاركة الفعلية في هذه المنظمة، يعزز المغرب مصداقيته الدولية كفاعل قادر على التوسط بفعالية وحرفية، وليس مجرد مراقب في النزاعات الدولية.
المنظمة، التي تأسست في ماي 2025 ويقع مقرها في هونغ كونغ، تهدف الى تقديم بديل توافقي وسري ومرن عن الطرق التقليدية لحل النزاعات، وتضم مجلس إدارة وأمانة عامة ولجان من الوسطاء، مع التركيز على النزاعات بين الدول والمستثمرين، ما يجعلها منصة مهمة لتعزيز السلم والاستقرار الدولي.
ويأتي انضمام المغرب الى هذه المنظمة بعد توقيع 37 دولة اخرى، معظمها من الجنوب العالمي، على الإطار القانوني المؤسس للمنظمة، لتصبح المملكة شريكاً أساسياً في تعزيز الوساطة القانونية الدولية. ويشير المحللون الى أن هذه الخطوة تعزز من نفوذ المغرب الدبلوماسي وتمنحه قدرة أكبر على التأثير في القرارات متعددة الأطراف، خصوصاً في القضايا الاقتصادية والاستثمارية الحساسة.
المغرب اليوم لا يكتفي بالمشاركة في المنتديات الدولية التقليدية، بل يسعى الى تقديم نموذج فاعل في الوساطة والتحكيم، بما يعكس طموحه في لعب دور بناء على مستوى العالم ويؤكد مكانته كبلد ملتزم بالحوار والسلم والتعاون الدولي.




